وَالذَّاكِرَاتِ} وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يزال لسانك رطباً بذكر الله) ونحو ذلك من النصوص الدالة على مشروعية الذكر فيقال لهم: الذكر لنا فيه نظران: نظر من ناحية أصله ومشروعيته، ونظر من ناحية تخصيصه بزمان أو مكان أو صفة معينة، فأما من ناحية أصله ومشروعيته فلا ننازع فيه ولا ننكره طرفة عين، لكن من ناحية هذا التخصيص هو الذي ننكره وننازع فيه ونعده بدعة إلا بدليل يدل عليه، وذلك كالأذكار الجماعية والأذكار المنتشرة عند الصوفية وقول بعض الناس عند قول الإمام (إياك نعبد وإياك نستعين) يقول: استعنا بالله، أو لا نستعين إلا بالله، كل ذلك مما لا ننازع في أصله وإنما ننازع في وصفه، إذا علم هذا فليعلم أن الأصل هو إطلاق العبادات وأنها لا تخصص بزمان ولا مكانٍ ولا صفة ثم جاءت الأدلة بتخصيص بعضها بزمانٍ ومكانٍ وصفة فما دل الدليل الشرعي الصحيح على تخصيصه بشيء فإننا نقول به، وإن لم يدل دليل على هذا التخصيص فالبقاء على الأصل هو المتعين ومن خصص عبادة بشيءٍ بلا دليل فقد جاء بما لم يأت به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحينئذٍ نقرر له الأدلة أن الرسول لم يأت بذلك فإذا أقر واعترف بذلك وأصر فلا يخلو إصراره من أحد حالين: إما لاعتقاده أنه يفعل ويحرص على الخير أكثر من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهذا ضلال مبين وفتنة عظيمة، وإما لاعتقاده أن هذا من الشرع الذي كتمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يبلغه للأمة وهو أخطر من الأول، فالواجب إذا بان للإنسان خطأ في شيء من الأقوال أو الأفعال التي اعتاد عليها، الواجب عليه أن يتركه ويتبع الحق، ولا يوزن الحق بالرجال وإنما يوزن الرجال بالحق، وكل قولٍ فهو تابع لأقوال الشريعة لا يتقدم عليها وإنما هو تبع لها، فما وافقها قبلناه وما خالفها رددناه والمتابع لا يتقدم على متبوعه، ولأهمية الأمر وكثرة اللبس فيه جرى التنبيه،