ومنها: حديث عمار وفيه أنه خرج هو وعمر - رضي الله عنهما - فأجنبا فتمرغ عمار في الصعيد كما تمرغ الدابة، ولم يتيمم عمر ولم يصل فلما أخبرا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطأهما وبين لهما الصواب (١) . المهم أنه لم يأمرهما بالإعادة مع أن عمار لم يتيمم التيمم الشرعي بالصفة الشرعية وعمر لم يصل، ولو كان أمرهما بالإعادة لنقل، فلم لم يأمرهما بالإعادة دل على أنه لم يؤاخذهما لجهلهما بالحال فدل ذلك على اشتراط العلم والأدلة كثيرة وفيما مضى كفاية.
وأما الثاني: فهو (الذكر) : وضده النسيان، فالناسي لا يؤاخذ بفعل المنهي عنه إنما يؤاخذ بترك المأمور كما مضى، فمن فعل المنهي عنه ناسيًا له فلا يؤثر ذلك كما قال تعالى:{رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أوْ أخْطَأْنَا} قال الله: (قد فعلت) كما في مسلم وغيره، ودلالتها واضحة، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) وسنده حسن، ودلالته واضحة أيضًا. وقال - صلى الله عليه وسلم -: (من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا أصبح أو ذكر لا كفارة لها إلا ذلك) فأسقط إثم من ترك الصلاة ناسياً وذلك دليل على اشتراط الذكر.
ومنها: الأدلة التي تدل على صحة من زاد أو نقص في الصلاة سهوًا ونسيانًا، بخلاف العامد وهي كثيرة كحديث ابن مسعود وابن سيرين عن أبي هريرة وابن بحينة وغيرها كلها تدل على أن الناسي لا يؤاخذ إذا ارتكب المحرم.
(١) يذر الحديث بلفظه لأن الذي سأل عمار فأخبره الرسول صلى الله عليه وسلم بصفة التيمم وعمر لم ينقل سؤاله وجواب الرسول له، فأين الدليل على أن عمر لم يصل ولم يؤمر بالصلاة التي تركها وهي ترك مأمور.