ومنها: محظورات الحج كالتطيب وعقد النكاح والحلق وتقليم الأظافر والصيد ونحوها كل ذلك لا يؤثر ولا يوجب فدية إلا إذا فعله الإنسان وهو عالم بالحكم وذاكر له ومختار. أما إذا فعلها وهو جاهل بها أو ناسٍ أو مكرهٌ فإنها لا تضره ولا فدية عليه ولا يشذ منها شيء أبدًا لا الصيد ولا الحلق. والله أعلم.
ومنها: من شرب الخمر وهو يجهل كونها خمرًا أو لكونه ناسيًا أنها خمرٌ أو لضرورة ملجئة كدفع غصة أو بإكراه عليها فإنه لا يأثم أبدًا ولا حد عليه.
ومنها: من ترك الصلاة ناسيًا لها أو مكرهًا على تركها فإنه لا يأثم ولكن عليه فعلها إذا ذكرها أو زال الإكراه كما في حديث أنس.
ومنها: من باع بعد نداء الجمعة الثاني ناسيًا أو جاهلاً للحكم فإنه لا يأثم والبيع صحيح أصلاً لأنه تخلف عنه شرط العلم والذكر ولا يؤثر فعل المنهي عنه إلا بهما، وعلى ذلك فقس.
مسألة: اعلم أن هناك فرقًا بين ترتب الإثم وبين الضمان، فقد يفعل الإنسان فعلاً محرمًا لكنه لا يأثم إلا أنه يجب عليه كفارة أو ضمان كالإتلاف وقتل النفس خطأ ذلك؛ لأن الضمان ليس من الأحكام التكليفية وإنما هو من قبيل ربط الأحكام بأسبابها فهو حكم وضعي فلا يشترط فيه العلم والذكر والإرادة.
وبالمثال يتضح الأمر ويزول الإشكال فأقول:
منها: من قتل غيره جهلاً بحرمة القتل أو خطأً فإنه لا يجب عليه القصاص؛ لأنه فعل المنهي عنه جاهلاً ومخطئًا لكنه يضمن النفس بالدية.
ومنها: من أكره على إحراق مال غيره فأحرقه فإنه لا يأثم لكن عليه ضمان المال أو على مكرهه.
ومنها: من أتلف بكارة امرأة يظن أنها زوجته فبانت أنها ليست بزوجته فلا حد عليه ولا إثم لكن عليه ضمان ذلك بالمال.