للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منها: من صال عليه إنسان يريد عرضه أو نفسه فإنه يجب عليه مدافعته بالأسهل فالأسهل، فإن اندفع بالتخويف لم يجز له ضربه، وإن اندفع بضربه لم يجز جرحه، وإن اندفع بجرحه لم يجز قتله، وإن لم يندفع إلا بقتله فله قتله ولا ضمان عليه ولا دية ولا كفارة؛ لأنه لم يقتله لينتفع به وإنما قتله ليدفع ضرره عنه. هذا بالنسبة للمدافعة عن العرض والنفس، وأما المال فإن المدافعة عنه جائزة لو تركها الإنسان لم يأثم، وكذا المدافعة عن النفس حال الفتنة لا تجب بل تركها أولى لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (فكن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل) وقوله: (فإن خفت أن يبهرك شعاع السيف فألق ثوبك على وجهك) .

ومنها: من أصابته مجاعة فوجد حيوانًا فأتلفه بالذبح ليدفع به ضرورة الجوع فإنه يضمنه لأنه أتلفه لينتفع به وكل من أتلف شيئًا لينتفع به ضمنه (١) .

ومنها: إذا صال على المحرم صيد فله دفعه بالأسهل فالسهل، فإن لم يندفع إلا بقتله فله ذلك، وليس عليه ضمانه لأنه أتلفه ليدفع ضرره عنه لا به.

ومنها: لو خرجت شعره في مكانٍ من جسد المحرم فآذته كما لو نزلت على عينه ونحو ذلك فله قلعها ولا فدية عليه؛ لأنه أتلفها ليدفع ضررها عنه.

ومنها: لو أشرفت سفينة على الغرق فألقى رجل متاع غيره في البحر فإنه يضمن ذلك المتاع؛ لأنه أتلفه لينتفع هو بالبقاء، لكن لو سقط عليه متاع غيره من الأعلى فأبعده عن نفسه فأتلفه فلا ضمان؛ لأنه أتلفه ليدفع ضرر المتاع عنه، ومن أتلف شيئًا ليدفع ضرره عنه فلا ضمان عليه.

ومنها: لو قلع شوك الحرم لأذاه أي لأن الشوك مؤذٍ فلا ضمان على القالع؛ لأنه أتلفه ليدفع ضرره عنه، لكن لو احتاج إلى إيقاد نار فقلع الشوك أو غصن شجرة ضمنه؛ لأنه فعل ذلك لينتفع به. وعلى ذلك فقس.


(١) وفيه قول بعدم الضمان إن كان فقيراً معدماً وصاحب المتلف غني لأن إطعام الجئع فرض كفاية.

<<  <  ج: ص:  >  >>