ومنها: الصلاة: فإنه قد دل الدليل الشرعي على أن الإنسان يدخل فيها بتكبيرة الإحرام، فبناءً عليه فإنه لا يجوز أن نبطل صلاة أحدٍ دخل فيها على هذا الوجه إلا بدليل؛ لأن ما انعقد بالدليل لا يبطل إلا بالدليل فمن هنا تعلم خطأ من قال إنها تبطل بالتنحنح إذا بان حرفان لعدم الدليل وفي حديث علي - رضي الله عنه - قال:(كان لي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مدخلان فكنت إذا أتيته وهو يصلي تنحنح لي) ، وتعلم خطأ من أبطلها بالإشارة المفهومة بل في حديث ابن عمر:(أنه قال لبلال كيف رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرد عليهم حين يسلمون عليه وهو يصلي، قال: يقول هكذا وبسط كفه) فهي إشارة مفهومة، بل الصحابة لما تكلم معاوية بن الحكم في الصلاة رماه القوم بأبصارهم وضربوا أفخاذهم وهي إشارة مفهومة، وعائشة - رضي الله عنها - لما دخلت عليها أسماء يوم كسفت الشمس قالت لها:(ما شأن الناس فأشارت برأسها إلى السماء) . فقالت أسماء: آية؟ (فأشارت برأسها أي نعم) ، وهذه أيضًا إشارة مفهومة، والمهم أن الإشارة باليد أو بالرأس المفهومة لا تبطل الصلاة لعدم الدليل بل الدليل على خلافها. وتعلم أيضًا خطأ من يبطل الصلاة بالكلام أو بالنجاسة ناسيًا أو جاهلاً وحديث معاوية بن الحكم في مسلم (١) وحديث صلاته - صلى الله عليه وسلم - بالنعلين النجسين حجة عليهم، وهكذا، فكل من ادعى أن هذا القول أو هذا الفعل يبطل الصلاة فإنه يطالب بالدليل إذ الأصل عدم الإبطال والدليل يطلب من الناقل عن الأصل. والله أعلم.