أما فضل الشمس علينا، فليس أنها مصدر نورنا ونارنا فقط، بل هى محور نظامنا السيَّارى، ومصدر حياتنا أيضًا، فهى التى تبخر مياه البحر، وترفعها غيومًا فى الجو، وتنزلها أمطارًا على الأرض، حيث تجرى جداول وأنهارًا تروى زرعنا وتنمى أغراسنا، وتثير الرياح، وتهيج الأنواء، فتطهر الهواء وتنقيه، وتزجى السفن والمراكب فى عُباب المحيط، وهى التى تجر المركبات، وتدير الآلات البخارية، وما الفحم الحجرى إلا حرارة نورها المدخرة منذ قديم الأدهار؛ لينتفع بها بنو العصور المتأخرة، ولا حياة لولا الشمس لحيوان، ولا لنبات؛ فالحيوانات تنتعش بحرارتها، والأطيار تغرد بأنوارها وتسبح تسبيحًا، وبحرارتها وأنوارها تبزغ النباتات، وتنمو الأشجار، وتزهر الأزهار، وتنضج الأثمار .. فنحن مدينون للشمس بمأكلنا ومشربنا، وهى علة وجودنا على هذه الأرض ".
فإذا تجاوزنا الشمس وجدنا أن:
" أقرب نجم إلينا بعد الشمس يعادل بُعده ٢٦٠٠٠٠ مرة بعد الشمس عنا ".
ويعتبر هذا شيئًا ضئيلاً جدًا بالنسبة لنجوم المجرة التى أسماها القدماء (طريق التبانة)؛ بل تعتبر المجموعة الشمسية ذرة إذا قيست بالمجرة؛ إذ أنها تحتوى على مائة مليون نجم موزعة فيما يشبه القرص المفرطح الرقيق نسبيًا.
ويقول (هيربرت سبنسر جونز) مؤلف كتاب (الفلك العام):
" إن الضوء يستغرق مائة ألف سنة ضوئية ليصل بين طرفى المجرة، ومعلوم أن الضوء يسير بسرعة ١٧٦٠٠٠ ألف ميل فى الثانية، أو ٣٠٠٠٠٠ ألف كيلومتر .. وعلى هذا فإن السنة الضوئية تعادل عشر مليون مليون كيلومتر.
وليست هذه المجرة التى تبلغ هذا الحد من الضخامة التى لا يقوى العقل على استيعابها إلا واحدة من كثيرات لم يحصها العد.