للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معنويا وحسيا في نفس الوقت"١.

لكنه يرجع إلى القول بأن العذاب معنوي حين يفسر قوله تعالى: {اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} ٢ فيقول: "والحساب هنا يبدو أنه حساب النفس للنفس وتنكيل النفس بالنفس ومواجهة النفس للنفس، لقد لزم كل واحد عمله كظله ولإخلاص وحق القول ونفذ العدل الأزلي"٣.

ولعل الذي حمله على العتقاد بأن العذاب معنوي اعتقاده الآخر في بعث الأجساد يوم القيامة حيث يقول: "وبالمثل ما يروي القرآن عن النار فهي نار لا كما نعرف من نار، نار تنبت فيها شجرة لها ثمر، {شَجَرَةَ الزَّقُّومِ} وفيها ماء حميم يشربه أهلا والمعذبون فيها يتكلمون ويتحاورون؛ فأجسادهم لا يمكن أن تكون لها نفس كيمياء الأجساد كما نعلمها وإلا لتبخرت دخانا في لحظات، ولما استطاعوا أن يتبادلوا كلمة".

ومعنى هذا أننا سوف نبعث أجسادا؛ ولكن لا كالأجساد ربما كيانات لها ذات الهيئة والصورة؛ ولكن من مادة مختلفة هي بالنسبة لنا غيب إنها لن تكون الأجساد الترابية التي نتكون منها الآن في حياتنا الآضية ولهذا يمكن أن تتضاعف المتع حسيا ومعنويا بطريقة نجهلها كما تتضاعف درجات العذاب حسيا ومعنويا عما نعلم"٤.

ويؤكد هذا رده على حجة لمن ينكر رؤية الله يوم القيامة فيقول: "وهي حجة واهية وتصور مادي دنيوي فهم يتصورون أن الروح سوف تبصر بعين مادية في الآخرة وستكون لها حدقة وأجفان وستظل ملابسة للزمان والمكان المعروف في الدنيا. وهو أمر ينكره القرآن!، فيقول عن النشأة الأخرى:


١ القرآن محاولة لفهم عصري: د/ مصطفى محمود، ص٨٨.
٢ سورة الإسراء: الآية ١٤.
٣ القرآن محاولة لفهم عصري: ص٩٦.
٤ المرجع المسابق: ص٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>