وليعلم هذا وغيره أن أمر تفسير القرآن الكريم أخطر من كل هذه الأمور على صاحبه وعلى المجتمع، أما أولئك الذين يزعمون أن تفسير القرآن الكريم والحديث عن الدين أمر مشاع للمسلمين كافة فهم مخطئون أو جاهلون.
ونحن نقول: إن الدين ليس حكرا على أحد، وإن تفسيره ليس مباحا لكل أحد، ليس الدين حكرا على أحد؛ فلا يجوز أن نمنع أحدا من الدخول فيه، بل يلزمنا الاعتراف بإسلامه متى أعلن ذلك ما لم يأت بأمر مخرج من الدين، أما الذين لهم حق تفسير القرآن فهم الذين توفرت فيهم شروط المفسر وآدابه؛ فإذا ما توفرت فيهم هذه جاز لهم تفسير القرآن الكريم. أما قبل ذلك فلا وكان حقا أن يعاملوا كأدعياء الطب. إلخ؛ بل أشد.
ونحن لا ننكر أن الدكتور مصطفى حريص على صوغ المفاهيم الإسلامية في عبارات ومعان حديثه تقرب إلى الأذهان لكن هذا الهدف لا يبرر له خوض غمار التفسير من غير سلاح، تماما كالشخص الجاهل في الطب الذي ترتعد جوانبه إشفاقا وعطفا على المريض فيصف له دواءا هو أجهل الناس به؛ فليست شفقته ونصحه بمبرر كاف لوصف الدواء والعلاج.
أما أسلوب العصر والعصرية الحديثة فقد جنت على الأمة الإسلامية جناية كبيرة؛ فقد اتخذها دثارا كل من أراد أن يغير في الدين ويخل فيه ما ليس منه!! فقطع يد السارق وتعدد الزوجات والربا ورجم الزاني المحصن وجلد شارب الخمر.. و.. و ... إلخ، كلها أمور لا تناسب العصر الحديث؛ فلتغير ولتبدل فلا تقطع يد السارق حتى تتعدد سرقاته ويقيد تعدد الزوجات بشروط ثقيلة لا يستطيعها أحد، بل ليختصر الأمر فيمنع التعدد، أما الربا فالمراد به الربا الفاحش؟! أما رجم الزاني المحصن فلم يرد في الكتاب؟! كلها أمور بزعمهم تتنافى مع العصر الحديث.
وبهذا يكون هذا الأسلوب مطية يركبها الناصح الجاهل والملحد الخبيث، وهو أمر ما زالت الأمة الإسلامية تعاني منه، وقد صرحت بهذا المستشرقة الأمريكية مريم جميلة؛ حيث قالت: "إن البلاد الإسلامية قد وقعت فريسة مصطلحات خاطئة ومنها مصطلح العصرية وقد جنى هذا المصطلح