للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال في تفسير قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} ١:

"استدل المعتزلة والفخر بالآية على أن الأشياء قبل ورود الشرع على الحل إن كانت نافعة، وعليه كثير من الشافعية والحنفية ولا تحتمل الآية أن اللام للضرر، مثل: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} ولا دليل على أن المراد بالآية الإباحة على شرط نزول الوحي بها، وقيل: إنها قبل الشرع على الحظر، وقيل بالوقف، والأول أولى"٢.

وأفاض في تفسير قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} ٣ الآية، فمما قال: "وائتوا بهما تامين بشروطهما وأركانهما ولا تكدروهما بشيء، والأمر فيهما واجبان ذاتا وتماما"٤.

ثم رد على من قال: إن العمرة ليست واجبة، أما الإحصار في قوله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} فقال: "أي: منعتم عن الإتمام بعدو أو مرض أو غيرهما كضياع نفقة"، ثم قال: "هذا مذهبنا ومذهب أبي حنيفة, ويدل له قوله صلى الله عليه وسلم: "لا إحصار إلا من مرض أو عدو أو أمر حابس" وهو عموم. قال عروة: كل شيء حبس المحرم فهو إحصار, وروي عن بعض الصحابة: من أحرم بحج أو عمرة ثم حبس عن البيت بمرض يجهده أو عدو يحبسه, فعليه ذبح ما استيسر من الهدي، وأهل عمر بن سعيد بعمرة فلسع فقال ابن مسعود: ابعثوا بالهدي واجعلوا بينكم وبينه يوم أمارة, فإذا كان ذلك فليحل, وخص مالك والشافعي الحكم بحصر العدو لقوله: {فَإِن أَمِنْتُمْ} وقول ابن عباس: لا حصر إلا حصر العدو ويعترض بالحديث المرفوع قبل هذا، وليس ضعيفا, قيل: لأنه روي من طرق مختلفة، وأن شرط الحاج محلي حيث حبست فلا هدي عليه أن حبس بعدو أو غيره لقوله صلى الله عليه وسلم لضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب: "حجي


١ سورة البقرة: من الآية ٢٩.
٢ تيسير التفسير ج١ ص٤٦.
٣ سورة البقرة: من الآية ١٩٦.
٤ تيسير التفسير ج١ ص٢٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>