للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واشترطي وقولي: محلي حيث حبستني يا الله"١ والأصل أنه لا يختص هذا بها بل هو لها ولغيرها عند أحمد وأحد قولي الشافعي, والحديث حجة لنا ولأبي حنيفة أن غير العدو كالعدو في الآية, والعمرة كالحج٢.

ويرى أن المرض الذي يبيح الفطر في رمضان لقوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا} ٣ الآية: "مرضا يشق معه الصوم بعض مشقة أو يضره أو يتأخر معه برؤه أو يزيد به المرض, وذلك بالتجربة أو بإخبار الطبيب المسلم الحاذق لقوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} ٤ فإذا كان الصوم يعسر مع مرض حل الإفطار، لا كما قيل عن ابن سيرين أنه أفطر لوجع أصبعه ولا كما قال الشافعي: لا يفطر حتى يجهده الجهد الذي لا يحتمل, وروي عن مالك أنه يفطر صاحب الرمد الشديد أو الصداع المضر وليس به مرض يضجعه إن شاء، واحتج من أباح الإفطار بالمرض ولو لم يعسر ولم تكن فيه مشقة بإطلاق الآية وهو رواية عن الشافعي وهو قول ابن سيرين والحسن البصري، وبأن السفر قد يخلو من مشقة وحل الإفطار فيه ولو بلا مشقة لأنه سبب لهما، ويجاب بأن الرخصة لم تتعلق بنفس المرض لتنوعه إلى ما يزاد بالصوم، وإلى ما يخفف به، ولا يكون مرخصا البتة، فجعل ما يزاد به مرخصا بخلاف السفر؛ لأنه لا يعرى عن المشقة فجعل نفسه عذرا"٥.

أما القدر المباح عند الضرورة من الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به في قوله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} ٦ "في الأكل من ذلك بقدر ما يوصله أو يحيا به ولا يأخذ معه من ذلك، والمذهب تحريم


١ البخاري: النكاح ج٦ ص١٢٣؛ مسلم: الحج ج٢ ص٨٦٨, وكلاهما بلفظ: "اللهم محلي حيث حبستني".
٢ تيسير التفسير ج١ ص٢٨٩ و٢٩٠.
٣ سورة البقرة: من الآية ١٨٤.
٤ سورة البقرة: من الآية ١٨٥.
٥ تيسير التفسير ج١ ص٢٦٢.
٦ سورة البقرة: من الآية ١٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>