للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبهذا يظهر أن الشيعة -على القولين- لا توجب صلاة الجمعة في هذه العصور، أما وقد صدر أمر الخميني في السنوات الأخيرة بأدائها فلعله يرى أحد أمرين:

١- إما أنه الإمام العادل؛ فتجب لذلك عنده.

٢- وإما أن أمره أمر ندب لا إيجاب، ويؤيد هذا قوله في كتابه تحرير الوسيلة: "تجب صلاة الجمعة في هذه الأعصار مخيرًا بينها وبين صلاة الظهر، والجمعة أفضل، والظهر أحوط وأحوط من ذلك الجمع بينهما"١، وقوله أيضًا: "لا يحرم البيع يوم الجمعة بعد الأذان في أعصارنا مما لا تجب فيه تعيينًا"٢، هذا ما ادعاه، ودع عنك التعارض والتضارب في عبارته على قصرها، فكيف تجب على التخيير وكيف تكون الأفضل، ويكون الظهر الأحوط؟! وعلى كل حال قصدت من هذا أن أقول ما خلاصته: إن الشيعة في العصر الحديث إما أنهم يشترطون الإمام العادل، وإما أنهم يشترطون الإمام المعصوم.

ومن الذين يشترطون الإمام العادل وينكرون شرط الإمام المعصوم محمد الصادقي؛ حيث يقول في تفسير الآية: "لا توجد أية حجة تختص فريضة الجمعة بالمؤمنين زمن حضور المعصومين، ولو كانت لضربت عرض الحائط؛ لمخالفتها الكتاب والسنة الثابتة، ومنها ما رواه الفريقان -يقصد السنة والشيعة- عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه خطب لأول جمعة أقامها في المدينة المنورة فقال: "إن الله افترض عليكم الجمعة في مقامي هذا، في يومي هذا، في شهري هذا، في عامي هذا إلى يوم القيامة، فمن تركها استخفافًا بها، أو جحودًا لها، فلا جمع الله له شمله، ولا بارك له في أمره، ألا ولا صلاة له، ألا ولا زكاة له، ألا ولا حجَّ له، ألا ولا صيام له، ألا ولا بر له، ألا ولا بركة له حتى يتوب، فمن تاب تاب الله عليه"٣،


١ تحرير الوسيلة: الخميني ج١ ص٢٣١.
٢ تحرير الوسيلة: الخمينيج ١ ص٢٤٠.
٣ نسبه المؤلف إلى "الدر المنثور ج٦ ص٢١٨، ووسائل الشيعة ج٣ ص٧ ح٢٨، وابن ماجه ج١ ص٣٣٤ باب فرض الجمعة". اهـ. إلا أني رأيته عند ابن ماجه وفيه: "في عامي هذا إلى يوم القيامة، فمن تركها في حياتي أو بعدي وله إمام عادل أو جائر استخفافًا بها" الحديث، والمؤلف لم يذكر هذا النص لأنه حجة عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>