للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشاهد ما بين الخصمين شأن السلف الصالح في تلك العلوم: هل كانوا آخذين بها أم تاركين لها أو غافلين عنها؟ مع القطع بتحققهم بفهم القرآن، يشهد لهم بذلك النبي صلى الله عليه وسلم والجم الغفير، فلينظر امرؤ أين يضع قدمه؟ "١.

ثم ذكر الشاطبي -رحمه الله تعالى- الرد على أولئك بما خلاصته: "إن ما استدلوا به من الآيات فالمراد بها عند المفسرين ما يتعلق بحال التكليف والتعبد، أو المراد بالكتاب في قوله تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} ٢ اللوح المحفوظ، ولم يذكروا فيها ما يقتضي تضمنه لجميع العلوم النقلية والعقلية، وما يُنقل عن علي -رضي الله عنه- أو غيره في هذا لا يثبت، فليس بجائز أن يُضاف إلى القرآن ما لا يقتضيه، كما أنه لا يصح أن يُنكر منه ما يقتضيه"٣.

ذلكم موجز رأي الشاطبي -رحمه الله تعالى- ورده على أنصار التفسير العلمي للقرآن الكريم.

رأى أبي حيان الأندلسي "ت ٧٤٥هـ":

ونقتصر في بيان رأيه -رحمه الله تعالى- على ذكر مَثَل طريف ضربه مثلًا لمن فسر القرآن بالرأي، فقد انتقد في تفسيره "البحر المحيط" طريقة الرازي في تفسيره وغيره، بقوله: "ونظير ما ذكره الرازي وغيره أن النحوي مثلًا يكون قد شرع في كتاب في النحو، فشرع يتكلم في الألف المنقلبة، فذكر أن الألف في الله أهي منقلبة من ياء أو واو، ثم استطرد من ذلك إلى الكلام في الله تعالى فيما يجب له ويجوز عليه ويستحيل، ثم استطرد من ذلك إلى إعجاز ما جاء به القرآن وصدق ما تضمنه، ثم استطرد إلى أن من مضمومنه البعث والجزاء بالثواب وبالعقاب، ثم المثابون


١ الموافقات: الشاطبي ج٣ ص٣٧٥، ٣٧٦.
٢ سورة الأنعام: من الآية ٣٨.
٣ الموافقات: الشاطبي ج٢ ص٨٠، ٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>