للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهأنت ترى أن الشيخ شلتوت يرفض هذا اللون من التفسير، ويعده مما يجب أن ينزه عنه التفسير، ويذكر جوانب الخطأ فيه، ويدعو إلى أن ندع للقرآن عظمته وجلالته، مع اعترافه أن القرآن لم يصادم -ولن يصادم- حقيقة علمية.

والذي أعتقده أن الشيخ شلتوت ما اتخذ هذا الموقف إلا كردِّ فعل لما شاهده في عصره من جُرأة كثير من المفسرين ونحوهم على آيات القرآن، يفسرونها بكل ما فيه مسحة من العصر علمية، معرضين أو غافلين عن التفريق بين حقها وباطلها؛ مما أوقعهم وسيوقعهم في حرج شديد حين ظهور بطلان ما اتكئوا عليه من النظريات، وهو بُعْدُ نظر منه رحمه الله.

أمين الخولي:

ولئن كان الشيخ شلتوت من أبرز المعارضين ومن أشهرهم، فإن أمين الخولي هو أبرزهم وأشهرهم إن كان مقياس ذلك قوة الرفض وضعفه؛ فقد عقد أمين الخولي في رسالة له صغيرة عن "التفسير معالم حياته منهجه اليوم" عقد بحثًا عنوانه: "إنكار التفسير العلمي"، ذكر فيه قِدَمَ الاتجاه إلى التفسير العلمي، وقِدَمَ المخالفة في صحته، وعرض فيه أدلة الشاطبي وأقواله في إنكار هذا اللون من التفسير، ثم عقب على هذا بقوله:

"وإذا كان هذا هو الرأي القديم العهد في فهم القرآن فهمًا يجعله مصدر العلوم المختلفة، ويأخذ كَلِمَه باصطلاحات حادثة بعده بأزمنة غير قصيرة؛ فإنك لتضم إلى هذا البيان من النظرات الحديثة ما يؤيده ويعززه؛ فمنها:

١- الناحية اللغوية في حياة الألفاظ وتدرج دلالتها، لو ملكنا منها ما لَا بُدَّ لنا أن نملكه في تحديد هذا التدرج، وتأريخ ظهور المعاني المختلفة للكلمة الواحدة، وعهد استعمالها فيها؛ لوجدنا من ذلك ما يحول بيننا وبين هذا التوسع العجيب في فَهْم ألفاظ القرآن، وجعلها تدل على معاني وإطلاقات لم تعرف لها ولم تستعمل فيها، أو إن كانت تلك الألفاظ قد استعملت في شيء منها، فباصطلاح حادث في الملة بعد نزول القرآن بأجيال.

٢- الناحية الأدبية أو البلاغية -إن شئت- والبلاغة -فيما يقال- مطابقة

<<  <  ج: ص:  >  >>