للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن قال: "وجملة "يعلم ما يسرون وما يعلنون" مستأنفة لبيان أنه لا فائدة لهم في الاستخفاء؛ لأن الله سبحانه يعلم ما يسرونه في أنفسهم أو في ذات بينهم وما يظهرونه، فالظاهر والباطن عنده سواء، والسر والجهر سيان، وجملة "إنه عليم بذات الصدور" تعليل لما قبلها وتقرير له، وذات الصدور هي الضمائر التي تشتمل عليها الصدور، وقيل: هي القلوب؛ والمعنى: أنه عليم بجميع الضمائر، أو عليم بالقلوب وأحوالها في الإسرار والإظهار، فلا يحفي عليه شيء من ذلك"١.

وقد فسَّر الدكتور عبد العزيز إسماعيل هذه الآية تفسيرًا علميًّا حديثًا فقال: "هذه الآية سهلة الفَهْم بعدما تقدمت علوم النفس والتنويم المغناطيسي وغيرها، وظهر جليًّا أن كل فكرة يقابلها تغيير كيماوي في الخلايا المخية، وكما أنه لا حركة في الأرجل دون أن يحصل انقباض العضلات، كذلك لا يمكن أن يفكر الإنسان دون أن تحصل تغييرات في خلايا المخ، وليس هذا هو الذي يحصل فقط؛ بل إن هذه التغييرات تبقى مسجلة في المخ الباطني، ومن الممكن أن يتذكرها الشخص بعد مدة طويلة تحت تأثيرات مخصوصة كالانفعالات العصبية أو التنويم المغناطيسي وغيرها، ولو نسيها الشخص تمام النسيان.

وقد اكتشفت أخيرًا أجهزة كهربائية يمكن بها معرفة حالة بعض الخلايا المخية إذا كانت في حالة هدوء أو حالة انشغال، وقد ترتقي العلوم أكثر من ذلك، هذا حال الإنسان مع جهله.

والله سبحانه وتعالى يعلم كل ما يجول في مخ الإنسان، وكل ما جال في مخه، وهو أعلم بها من الإنسان نفسه؛ لأنه عرضة للنسيان"٢.

وقد استغربت وصف الدكتور عبد العزيز لهذه الآية بأنها سهلة الفَهْم بعدما تقدمت علوم النفس والتنويم المغناطيسي! ذلكم أن الآية لم تكن صعبة الفَهْم قبل ذلك للذين يؤمنون بالغيب.


١ فتح القدير: الإمام الشوكاني ج٢ ص٤٨١، ٤٨٢.
٢ الإسلام والطب الحديث: الدكتور عبد العزيز إسماعيل ص٩٢، ٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>