للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما دام اتصال خليج العقبة بالبحر الأحمر من جهة والبحر الأحمر بالمحيط الهندي من جهة أخرى ظاهرًا للعِيَانِ، وتعبره البواخر الضخمة، فالذي تلج منه تلك فالماء أكثر ولوجًا منها؛ فأين الحاجز هنا؟!

وقد استمتعت لمحاضرة للشيخ عبد المجيد الزنداني تناول فيها بيان هذا الحاجز، وتحدث عنه بتفسير أوضح من تفسير الأستاذ يعقوب له؛ حيث قال في محاضرته: "يقول الله تعالى: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَان، بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ، يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} ١، هذان البحران اللذان التقيا هما بحران مالحان؛ بدليل قول الله تعالى: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} ، فالحديث في الآية إذًا عن بحر مالح ومالح، وليس عن بحر مالح وعذب بنص الآية، وما معنى هذا؟ نعم، وجدوا أن بين البحر الأحمر مثلًا والمحيط الهندي حاجزًا في باب المندب يحجز بين مياه البحر الأحمر ومياه المحيط الهندي، ولولا هذا الحاجز لطغت صفات مياه المحيط على مياه البحر؛ لأن البحر شيء يسير بجانب المحيط.

لكن هناك صفات وخصائص خاصة بمياه البحر الأحمر، وصفات وخصائص خاصة بمياه المحيط الهندي، هذا الحاجز ينهما لكي لا يطغى هذا على هذا، ثم هذا الحاجز ليس ثابتًا لكنه في حالة ذَهَاب وإياب واضطراب. ومرج في لغة العرب معناها: الذهاب والإياب والاضطراب. والحاجز هذا بين البحرين ليس ثابتًا؛ لكنه في حالة يمرج فيها فهو مارج يمرج؛ ولذلك قال تعالى: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَان} .

وقد أمكن تصوير هذا الحاجز، وكنت إذا قرأت هذه الآية يأتي في ذهني الآية الأخرى؛ وهو قول الله سبحانه وتعالى: {وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا} ٢.

كثير من المفسرين يقولون هذه الآية مثل هذه الآية؛ لكن استوقفتني الآية عندما أردت أن أتأمل وأتعمق، استوقفني في الآية {وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ


١ سورة الرحمن: ١٩-٢٢.
٢ سورة الفرقان: ٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>