متوالية في بيت رجل يسمى "فيكمان" من قرية "هيدسفيل" من نواحي ولاية نيويورك، وتوالى ذلك ليالي ذوات عدد؛ فذعرت تلك الأسرة، وقذف في أفئدتهم الرعب، فهجروا المكان بعد أشهر، فسكنت الدار أسرة "جون فوكس" المؤلفة من الرجل وامرأته وابنتيه، فعادت الطرقات، وتوالت الضربات، وهرع الجيران؛ لينقبوا عن تلك الأصوات المزعجة، ثم اهتدوا إلى سبيل الرشاد؛ إذ علموا أن تلك أفعال ناجمة من عقل؛ فاصطلحوا مع مصدرها على لفظ نعم ولفظ لا بطرقتين وثلاث، ففهموا أنها رُوح أصابها شر قد قتلها رجل في هذا البيت.
والذي كشف ذلك "مدام فوكس" والقتيل الطارق يدعي "شارل ريان" قتل منذ أعوام عديدة في ذلك البيت، وكان في حياته دوَّارًا، قتله مَن كان يبيت عنده لسلب ماله، وكانت عمره إحدى وثلاثين سنة، ثم شاع الخبر وذاع، واستهزأ الناس بذلك وسخروا منها، وقالوا: إن هذا لكذب مبين، وانتقلت عائلة فوكس إلى قرية "روستر" من الولايات المتحدة، وشاع الخبر وذاع، وثار علماء الدين والملحدون وسائر الشعب على المرأة وابنتيها، وتعرضن للموت مرارًا.
فعين القوم لجنة من العلماء لكشف الحقيقة؛ فأعلنت أنه لا أثر للشعوذة ولا للاحتيال، فهاج الشعب وعين لجنة أخرى؛ فقررت كالأولى، وعينوا ثالثة؛ فأذعنت كسابقتيها، فهم الطغام بإهلاك الابنتين، وسبوا وشتموا علماء اللجان المذكورة؛ ولكن الابنتين لم يصبهما ضرر، وقامت الجرائد والمجالات تنشر مقالات الهزؤ والسخرية بهذا العمل، ومن العجب أنه لم يمضِ أربع سنين حتى فشا المذهب في سائر الولايات المتحدة حتى لم يكن يخلو بيت من وسيط أو وسيطة يخابر القوم على يده الأرواح، وقد يجلسون حول منضدة، ويتلون أحرف الهجاء، وعند وصولهم إلى الحرف المقصود تطرق المائدة برجلها، ولم تمضِ سنة ١٨٥٤م؛ أي: بعد الحادث بثماني سنين حتى أصبح أمر هذا الحادث من أعمال دار الندوة ومجلس الأعيان الملتئم في مدينة واشنطون".
إلى أن قال: "وتعجب من القرآن كيف ذكر مسائل الحياة بعد الموت في قصة الخليل كما ذكرناه، وأنه أمر بتقطيع الطيور وخلط لحمها بعظمها وريشها، ثم يدعوها فتحيا في أواخر هذه السورة، وأنت تعلم أننا عن هذا عاجزون، وهذه معجزات لنبي، وذلك النبي أرد أن