للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى أن قال: "انظر إلى هذه المسائل الثلاث بعقلك وتفكر فيها، ألست ترى أن المسألة الأولى هي التي تحقق إقرار الإنسان على نفسه وعلى أبويه، وتكون الأمم أقرب إلى السعادة منها الآن؟ وإذا كان هذا الكشف الحديث يعم العالم ويظهر صدقه، أفليس ذلك يكون مما يجب علينا الأخذ به متى تحققنا أن ما يقوله الفرنجة حتى لا خطأ فيه، فلسنا نحن نأخذ بقولهم؛ بل نجرب تجاربهم ونعمل بها بعد التحقيق.

وإذا كان النوع الإنساني ليس عنده من الصدق والأمانة ما يحمله على الإقرار على النفس والأهل، أفلا يكون أمثال هذا المصل -إذا صح ما يقال- من أوجب الواجبات على أمة الإسلام؛ بل أقول فوق ذلك: إنه يجب على أمراء الإسلام والمجالس النيابية أن يظهروا رجالًا في العلوم ويمدوهم بقوتهم حتى يكشفوا ويخترعوا وينظروا، وكفانا نَوْمًا فقد نامت عقول المسلمين آمادًا طويلة"١.

وهل هذا التفسير مقبول، لا أشك أنه كسالفه وككثير من تفاسير الشيخ مردودة مرفوضة؛ بل هو نفسه أورد اعتراضًا على هذا التفسير من قِبَلِ أحد العلماء، وذهب فيرده على هذا الاعتراض يقيسه على أمور الآخرة، وأن الله سبحانه يُشهد على الإنسان يده ورجله ولسانه على ما فعل وما قال. فإذا كان الله قبل هذه الشهادة من الجلود والجوارح، فكيف لا تُقبل ممن يحقن بالمصل ويشهد بالحق؟!

ولا شك أن هذا قياس ما الفارق، ثم لو سلمنا جدلًا فما دخل الأمر بالاعتراف والقول بالحق والقسط بوسائل استخراج اعترافه قسرًا، فرق بين الأمرين يجعل ما أورده مرفوضًا منكرًا في هذا المقام، فضلًا عن الخلاف في اعتراف المكره أو غير العاقل.

أما نقد هذا التفسير نقدًا مفصلًا، فليس في طاقة بحثنا هذا؛ فلنعطه حقه في العرض والأمثلة فحسب.


١ الجواهر: طنطاوي جوهري ج٣ ص٩٧، ٩٨، ٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>