للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما تحتها مفتوحًا؛ وإذا ذاك تثور البراكين آلافًا مؤلفة، وتضطرب الأرض اضطرابًا عظيمًا وتزلزل زلزالًا شديدًا؛ لأن الباركين وثوراتها زلزلة، فما بالك إذا كانت الجبال كلها لم تكن وَخَلَتْ أماكنها، ثم إن هذه الجبال قطعة من نفس القشرة غاية الأمر أنها ارتفعت، فما هي إذن إلا حافظة للكرة النارية التي لو تركت وشأنها لاضطربت في أقرب من لمح البصر؛ فأهلكت الحرث والنسل.

هذه هي المعجزة الأخرى للقرآن؛ لأن السابقين ومَن عاصروهم كانوا يؤمنون به فقط، فظهور ذلك اليوم من المعجزات القرآنية. ولقد أجمع العلماء قديمًا وحديثًا أن الجبال على الأرض لا قيمة لها بالنسبة للكرة الأرضية، فلو فرضنا أن هذه الكرة الأرضية كرة قطرها ذراع لم تكن الجبال فوقها إلا كنحو نصف سبع شعيرة فوقها، ولو أن الأرض كرة قطرها متر واحد لم تزد الجبال عليها ملليمترًا واحدًا ونصفه فقط، فما هذا الجزء الحقير بالنسبة لتلك الكرة حتى أنه يمنع ميلها وسقوطها، فكأن الناس يؤمنون بهذه الآية.

وقد ظهرت هذه النبوة فعلًا في العلم الحديث، ولم تظهر إلا على يد من كفروا بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، والمسلمون لا يعلمون إلا من الفرنجة، وأنا أكتب عنهم ومن كتبهم، فصدق الله وجاءت المعجزات تترى في هذا التفسير.

فالله هو الذي فصل الأرض من الشمس وكانتا ملتحمتين، والله هو الذي خلق الدواب في البحر، ثم ارتقت إلى أن ارتفعت في الهواء، وإن كان هذا المعنى فيه نظر إن حملنا الآية عليه، والله هو الذي جعل الجبال حافظة للكرة الأرضية أن تهتز وتضطرب؛ لأنها نار والجبال متصلة بالطبقة الصوانية المحيطة بالنار، فالله هو الحافظ لها.

كل ذلك دال على وَحْدَته؛ ولكن الأهم من ذلك أن القرآن ورد به ولم يعرفه الناس؛ بل لم يفسر به القرآن على وجه علمي برهاني إلا في هذا العصر؛ وإنما كان يفسر قديمًا بمجرد الإيمان، فهذه هي المعجزة الثالثة.

واعلم أن الكرة الأرضية بعد أن تمت أدوارها الستة المذكورة في سورة "هود " وفي سورة "الأنعام"، ومضى دور الطوفان العام، ثم الدور الحالي، ونظمت الأحوال على ما هي عليه الآن؛ ظهرت فيها "الفجاج"؛ وهي المسالك الواسعة، وكما نظمها الله وأخرج زرعها ونوع حيوانها حتى وصل النبات الآن على ما يقول "اسبنسر" ٣٢٠ ألف نبات، والحيوان أيضًا مليوني نوع، وخلق

<<  <  ج: ص:  >  >>