للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإنسان وأبدع كل شيء فيها، هكذا نظم السماء وجعلها سقفًا محفوظًا؛ فحفظ الشموس في مداراتها؛ بحيث لا تختلط ولا تختبط؛ بل حفظها سالمة في أماكنها الخاصة، بها قوة الجاذبية بالاصطلاح العلمي. فالقمر والشمس والكواكب الأخرى متجاذبات حافظات لمداراتها لا تخرج عنها وإلا لاختل هذا العالم"١.

السماوات السبع:

ورد لفظ السماوات السبع في القرآن الكريم عدة مرات في عدة سور؛ أما الجوهري فله فَهْمٌ آخر في تحديد السماوات السبع أورده عند تفسيره لقوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} ٢، ذهب إلى أن السماوات ليست سبعًا، وهو تفسير عجيب من تفسيره لا يستغرب؛ فقد أنكر أن يكون للعدد هنا مفهوم؛ فالسماوات ليست سبعًا، وورود سبع سماوات لا يمنع أن يكون العدد أكثر من سبع، ثم أشاد بهذا التفسير قائلًا بهذا فليرتق المسلمون وليتعلموا. وهذا نص تفسيره:

"واعلم أن العدد ليس له مفهوم، وبه قال أكابر المفسرين والحكماء، فإذا قال الله: سبع سماوات، فليس ذلك بمانع أن يكون العدد أكثر، وإذا عرفت أن هذا الجرم اللطيف العجيب الممتد إلى أمد ينقطع الفكر دونه، ومجال لا يصل إليه الوهم فيه من العجائب والبدائع والكواكب والمخلوقات ما لا يُحصى، فسواء أكان سبعًا أم ألفًا؛ فذلك كله من فعل الله، دال على جماله وكماله، وهو تجلياته وأنواره المشرقة المتلألئة الفائضة من مقام القدس الأعلى متنزلة في العوالم، وكل كواكب من الكواكب الجارية له مدار خاص به، وكل شمس من الشموس -التي ذكرناها- لها مدار خاص، وسياراتها كذلك، والله هو الفاعل المختار، مفيض الخيرات والجمال والحسن والإشراق. قال الإمام الغزالي في كتاب "تهافت الفلاسفة":

"إذا ثبت حدوث العالم، فسواء أكان كرة أو مثمنًا أو مسدسًا، وسواء


١ الجواهر: طنطاوي جوهري ج١٠ ص١٩٨، ١٩٩.
٢ سورة البقرة: من الآية ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>