للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أكانت السماوات وما تحتها ثلاث عشرة طبقة -كما قالوا- أو أقل أو أكثر، فنسبة النظر فيه إلى البحث الإلهي كنسبة النظر إلى طبقات البصلة وعددها وعدد حب الرمان، فالمقصود كونها من فعل الله فقط كيفما كانت".

أقول: إياك أن يصدَّك -أيها الفطن- لفظ سبع عن البحث والتنقيب، فالعدد ليس بقيد، وانظر إلى هذا الجمال، ولا تكن من الخائفين الجبناء الذين يظنون أن هذا ينافي القرآن، أو تكون من المساكين الذين يلحدون ويكفرون لسماع مثل هذا اللفظ؛ وذلك لسخافة عقولهم وقلة علمهم، وهذان الفريقان من الذين قال الله فيهم: {يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا} ، فقال صاحبي: إذًا أنت تؤيد المذهب الحديث، فقلت له: حاشى لله أن أؤيد حديثًا أو قديمًا؛ وإنما القرآن طبقناه على المذهب القديم، ثم ظهر بطلان ذلك المذهب، وجاء الحديث فوجدناه أقرب إليه، وإلا فهو أعلى منهما وأعظم، وما يدرينا أن يكون هناك مذاهب ستحدث في المستقبل، فهل القرآن كرة طرحت بصوالجة، يتلقفها رجل رجل؟ كلا؛ إنما هذا التطبيق الذي ذكرته ليطمئن قلب المسلم، وليعلم أن عمل الله وصنعه لا ينافي كلامه، فالتطبيق للاطمئنان.

فقال: وَلِمَ كان المذهب الحديث أقرب إلى القرآن؟ قلت:

أولًا: جاء في القرآن {وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُون} والمذهب الحديث أرانا سَعَة مخلوقاته، وأنها لا تُدرك.

ثانيًا: كان القدماء يقولون: الكواكب والأفلاك لا تفنَى، والرأي الحديث يقول: إن الكواكب تتجدد وتفنَى كالإنسان والحيوان. وقالوا: إنهم رصدوا كواكب لا تزال في طور التكون، وذكروا منها نحو ستين ألفًا، وأن كواكب قد فنيت، يقول الله: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ} ، ومنها ذلك الكوكب الذي بين المشترى والمريخ، وصار كواكب صغيرة جدًّا، فهذا أقرب إلى القرآن؛ لقوله تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ، وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ} .

فقال صاحبي: ما ملخص ما مضى؟ فقلت:

<<  <  ج: ص:  >  >>