للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضئيل الفكر؛ جبن وجزع وخاف. وقال: إني أخاف الله رب العالمين، فلا يبحث في العوالم، ويظن أن الله يغضب على مَن بحث من المؤمنين في جمال جلاله، ومَن قويت عزيمته، وعلت همته، وارتقت نفسه، فإنه يبحث ويعرف فعل الله عز وجل، ويقول في نفسه: إن هذا فعل الله، وأنا أقرأ كلامه، وكلاهما دال عليه، وقوله لا يناقض فعله إلا عند الجاهلين.

أما أنا فإني أبحث صنعته، وبعد ذلك أطبقها على كلامه بهذا؛ فليرتق المسلمون وليتعلموا، فكم من ذكي مسلم قرأ العلوم الحديثة وكفر بالدين؛ ظانًّا أنه نال من العلم ما جهله الأنبياء، وكم من غبي مسلم اطلع على هذه المباحث فنفر منها لاعتقاده أنها تنافي الدين. "والحق أقول": إن قليلًا من الأذكياء المسلمين مَن يصدقون بالدين مع العلوم، وأكثبر المصدقين بالدين من الجهلاء وعلماء الدين. أما أكثر المتعلمين العصريين، فإنهم يقولون: الدين شيء والعلوم شيء"١.

هذا ما قاله الجوهري، والذي يظهر لي أن الذي دعاه إلى إنكار مدلول العدد "سبع" أنه أخطأ في التفريق بين السماوات والأفلاك -وغريب منه هذا- وظن أن لا فرق بينهما، ووجد أن القرآن ينص على لفظ سبع عدة مرات في آيات متعددة من سور متفرقة، ورأى مرة أخرى أن علماء الهيئة الجديدة يذكرون من الأفلاك ما هو أكثر من ذلك؛ فوجد نفسه مضطرًّا لإلغاء مفهوم العدد في القرآن؟!

ولو تأمل في آيات القرآن الكريم التي بينت عدد السماوات لوجدها تذكر ذلك بأساليب مختلفة: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} ٢، {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ} ٣، {وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ} ٤، {قُلْ


١ الجواهر: طنطاوي الجوهري ج١ ص٥٠، ٥١.
٢ سورة البقرة: من الآية ٢٩.
٣ سورة الإسراء: من الآية ٤٤.
٤ سورة المؤمنون: من الآية ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>