للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأهمها؛ وهي السماوات بخلاف إنزال القرآن، فإنه من عالم أعلى إلى عالم أدنى كما تقدم، ثم ثنَّى بالأرض لأنها أدنى منزلة، فمقام تَعداد الممالك غير بيان المكان الذي أنزل القرآن لأهله.

وقوله: {وَمَا بَيْنَهُمَا} دخل في ذلك عوالم السحاب والكهرباء وجميع العلم المسمى "الآثار العلوية"، وهو من علوم الطبيعة قديمًا وحديثًا.

وقوله: {وَمَا تَحْتَ الثَّرَى} يشير لعلمين لم يعرفا إلا في زماننا، وهما علم طبقات الأرض المتقدم مرارًا في هذا التفسير وعلم الآثار المتقدم بعضه في سورة يونس، والآتي بعضه في سورة سبأ، وأن قوله هناك: {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا} يشير إلى ما ظهر من بلاد اليمن "!! " التي تشتمل على "سبأ"؛ فقد ظهرت هناك نقوش ومدائن لم تكن معروفة من قبل، وظهر "سد العرم" وسيأتي رسمه، كل ذلك والمسلمون لا علم لهم بذلك مع أنه في بلادهم وعلى مقربة منهم.

فالله هنا يقول: {وَمَا تَحْتَ الثَّرَى} ليحرض المسلمين على دراسة علوم المصريين التي تظهر الآن تحت الثرى المذكورين في هذه السورة، وأن سحرتهم شهدوا بصدق النبوة الموسومة؛ لأنهم وجدوا علمًا فوق علمهم؛ وهو علم النبوة، فجدير بعلوم هؤلاء أن تدرس وتعلم؛ لهذا كله قال: {وَمَا تَحْتَ الثَّرَى} !!

واعلم أن الأمم الأوربية اليوم يقرءون علمًا يسمى "علم الآثار المصرية" فهو فن خاص، وقد انتشرت الآثار هناك في زماننا ويسمى بعلم الاجيتلوجي١.

إن هذا التفسير مثل ما سبقه من تفاسير لا يحتاج الأمر فيه إلى تتبعه بالنقد، فكل مَن أوتي حظًّا من الفَهْم يدرك بعد هذه المعاني عن آيات القرآن الكريم كتفسير لها.

تفسير الفاتحة:

وأحيانًا كثيرة يدخل الشيخ طنطاوي الجوهري في تفسير السورة من العلوم ما لا يعقل، ويحملها ما لا تحتمل، لا أحسبه يورده كتفسير أو يقصده كذلك؛ وإنما


١ الجواهر: طنطاوي جوهري ج٩ ص٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>