للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأشجار وتخرب المساكن، ثم تكون شبكة صائد وحيلة محتال، هذا هي الرحمة والحكمة١.

وهكذا ألهم الله الأنبياء وأوحى إليهم أن يعلِّموا العباد كيف يتبركون باسم الله في أول أعمالهم؛ كالقراءة والأكل، ذاكرين ربهم ورحمته الواسعة التي عمت سائر العوالم، فيمتلئ قلب العبد إيقانًا بالرحمة، واستبشارًا بالنعمة، وفرحًا برحمة الرحمن الرحيم"٢.

ولسنا نحن الذين نشعر بتحميله لهذه السورة وغيرها ما لا تحتمل من المعاني؛ بل هو نفسه يدرك ذلك؛ فيوجه لنفسه سؤالًا عن ذلك قائلًا: "لعلك تقول: ما لي أراك تحمل الفاتحة ما لا تحتمل، وتدخل فيها من العلوم ما لا يعقل؟ "، ويجيب على هذا السؤال بما خلاصته: أنه لا يلزم أن يلحظ كل قارئ للقرآن تلك المعاني فيه، وضرب لذلك مثلًا: كفلاح ركب دابته ومعه ولده الصغير، واتجه إلى حقله فرأى مهندسًا للري وعالمًا للطبيعة وحكيمًا، وذكر كل واحد من هؤلاء تختلف نظرته إلى الحقل علوًا وانخفاضًا، وأن الأمر في القرآن الكريم كذلك تختلف نظرات قرائه إليه ومداركهم فيه٣.

ولا شك أن هذا جواب غير مقنع؛ ذلكم أن القرآن الكريم أُنزل لهداية الناس، لا ليكون موسوعة علمية يحشر فيها كل ما هب ودب من النظريات والعلوم، ويكفيه هنا وفي غيره من المواضع أني يشير إليها إشارة من غير استيعاب لها، ويصرف اهتمامه إلى مفهومها اللغوي ومدلولاتها الشرعية، وحسبه وحسبنا هذا.

بعض آراء العلماء في هذا التفسير:

قلنا: إن المؤلف نفسَه يشعر أحيانًا كثيرة بتوسعه في تفسير الآية؛ فيطرح على نفسه سؤالًا عن هذا الأمر ثم يجيب عليه، وأحيانًا يطرح هذا الاعتراض


١ سترى عجائب وصورًا شتى في سورة النحل والنمل والعنكبوت "الجوهري".
٢ الجواهر: طنطاوي جوهري ج١ ص٣-٥.
٣ المرجع السابق: ج١ ص١٦، ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>