للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صديقه الذي يدارسه التفسير، وأحيانًا يكون من أحد العلماء أو غيرهم الذين يحضرون مجلسًا من مجالسه، وكثيرًا ما يورد هذه الاعتراضات في تفسيره ويرد عليها.

وحساسيته المفرطة من نقد تفسيره أو اتجاهه العلمي تظهر كثيرًا بين ثنايا تفسيره، وتتجلى بصور متعددة؛ فهو حينًا ينقد العلماء السابقين الذين فرطوا بهذا العلم، وأحيانًأ يذم علماء المسلمين الذين أولوا ١٥٠ آية هي آيات الفقه -بحسابه- عناية كبيرة، ولا يولون الآيات الكونية وهي ٧٥٠ آية -بحسابه- مثل هذه العناية، وأحيانًا تظهر حساسيته هذه بدعوته الملحة لسلوك هذا المنهج العلمي في التفسير، وأنه بهذا يرتقي المسلمون، وأنه بهذا يكون نصرهم وفلاحهم، وأحيانًا يذكر بعض ما يراه في منامه -بل وخياله- وما يسميه إلهامًا، من ثناء على تفسيره وطريقته فيه، ويؤرقه كثيرًا أن يذم تفسيره أو يمنع.

وقد سطر في تفسيره الرسالة التي بعثها إلى عبد العزيز بن سعود ملك نجد والحجاز -حينذاك- حين منع تفسيره في البلاد السعودية، ومن هذه الرسالة يدرك قارئها مدى تأثره النفسي لهذا القرار، والتماسه السماح بتداول تفسيره، وخاطب في رسلته هذه المراقبين الذين منعوا كتابه مستنكرًا: "بأي كتاب أم بأية سنة يدخل تفسيري للقرآن جميع أقطار الإسلام شرقًا وغربًا، وأكثرهم في قبضة المستعمرين من غير ديننا، وتوصد الأبواب دونه في الحرمين الشريفين وسائر بلاد الحجاز ونجد، وتصدون عن قراءته عموم المملكة السعودية وحجاج بيت الله الحرام من سائر الأقطار مع أنهم يقرءونه في بلادهم، أليس أهل نجد والحجاز أمس بنا رحمًا وأقرب منا نسبًا؟ أفليس هذا الصد إذا لم يكن بدليل يكون تقطيعًا للأرحام؟ أليست هذه العلوم هي التي أوجبها القرآن في آخر سورة التوبة؟ أوليست تراث أجدادنا الفاتحين؟ "١.

وليست هذه المشاعر التي أحس بها من نفسه، ولا الاعتراضات من جلسائه، ولام مصادرة كتابه ومنعه هي نهاية المطاف، فقد توالت الردود على


١ الجواهر: طنطاوي جوهري ج٥ ص٢٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>