للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تفسيره ونقده في تطرقه في هذا السبيل. وسأذكر هنا بعض ردود وآراء المعتدلين في الرد الذين يحسنون به ظنًّا ويثنون عليه في دنيه وغيرته؛ لكن هذا لا يمنعهم من نقد تفسيره وقوله ما يرونه حقًّا.

فمن هؤلاء الشيخ محمد حسين الذهبي -رحمه الله تعالى- الذي قال بعد أن أورد بعض الأمثلة من تفسيره: "هذا هو تفسير الجواهر، وهذه نماذج منه وضعتها أمام القارئ ليقف على مقدار تسلط هذه النزعة التفسيرية على قلم مؤلفه وقلبه.

والكتاب -كما ترى- موسوعة علمية، ضربت في كل فن من فنون العلم بسهم وافر، مما جعل هذا التفسير يوصف بما وصف به تفسير الفخر الرازي، فقيل عنه: "فيه كل شيء إلا التفسير"؛ بل هو أحق من تفسير الفخر بهذا الوصف وأَوْلَى به، وإذا دل الكتاب على شيء فهو أن المؤلف -رحمه الله- كان كثيرًا ما يسبح في ملكوت السماوات والأرض بفكره، ويطوف في نواحٍ شتَّى من العلم بعقله وقلبه؛ ليجلي للناس آيات الله في الآفاق وفي أنفسهم، ثم ليظهر لهم بعد هذا كله أن القرآن قد جاء متضمنًا لكل ما جاء ويجيء به الإنسان من علوم ونظريات، ولكل ما اشتمل عليه الكون من دلائل وأحداث؛ تحقيقًا لقول الله تعالى في كتابه: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} ١؛ ولكن هذا خروج بالقرآن عن قصده، وانحراف به عن هدفه"٢.

أما الشيخ مصطفى محمد الحديدي الطير، فقد ذكر أيضًا بعض الأمثلة من تفسيره ثم عقب عليها قائلًا: "في وسعنا بعد أن عرفنا نماذج مما كتبه، أن نسمي كتابه هذا جواهر العلوم، لا جواهر التفسير، فهو في وادٍ، وتفسير القرآن في وادٍ آخر"٣.

وقال أيضًا: "وعلى الرغم من أن الشيخ -رحمه الله- كان رجلًا تقيًّا على


١ سورة الأنعام: من الآية ٣٨.
٢ التفسير والمفسرون: محمد حسين الذهبي ج٣ ص١٨٣.
٣ اتجاه التفسير في العصر الحديث: مصطفى محمد الحديدي الطير ص٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>