للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لها عن طريق التقدم الحقيقي بما يقدم لها ما يطمئنها إلى أنها سبقت عصرها في كل ما يتطاول به الغرب من علوم حديثة"١.

وقال أيضًا: "لقد كان تفسير الجواهر أول محاولة كاملة في الاتجاه العلمي في التفسير حديثًا، ولم تخلُ هذه المحاولة من تعجل واندفاع في أحضان بعض النظريات الجديدة التي لم تستحكم طاقات فتلها، ولم يتأكد بعد أنها حقائق ثابتة لا تقبل الجدل"١.

وقال: "ومن هنا كانت بعض التجاوزات في هذا التفسير مما يخضع فيه جوهري لخياله الخصب، خاصة فيما يتعلق بالأمور الغيبية؛ كعالم الجن والشياطين، واستحضار الأرواح، والتنويم الصناعي، والوقوع في أسر بعض النظريات العلمية القديمة والحديثة، والتورط في النقل عن مصادر غير موثوق صحتها، أو ليست لها قيمة علمية أو دينية؛ ككتب الأدب والأساطير، والفلسفات، والمذاهب القديمة، والأناجيل، وقد أسهب طنطاوي في ذلك كثيرًا، كما أسهب في بيان كثير من العلوم المختلفة التي تشير إليها الآيات الكونية والعلمية حتى جاوز حدود معانيها، ولم يحاول الجمع بينها؛ فخفي بذلك كثير من حقيقة ومقدار العلم المنزل فيها.

ولكن من الحق أن نقول: إن طنطاوي في محاولته المبكرة هذه قد وضع بعض الملاحظات الهامة والقواعد التي تحكم تفسيره في هذه الناحية، كما وضع بعض القواعد المنهجية الخاصة به، والتي تتيح لقارئ تفسيره التعرف على مضمون الآيات مع عدم التعرض لتفصيلات العلوم المرتبطة بها، ومن حق هذا التفسير الذي هُوجم كثيرًا بحق وبغير حق أن نسجل هذه الملاحظات والقواعد"٢.

ثم ذكر أن الملاحظات تأتي في شكل حوار مع صديق له يسأله ويجيبه؛ بما يرفع ظنونه وشكوكه في مسلك التفسير واتجاهه العلمي.


١ اتجاهات التجديد في تفسير القرآن الكريم في مصر: د/ محمد إبراهيم الشريف ص٧٠٩، ٧١١.
٢ المرجع السابق: ص٧١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>