للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلن أشير إلى مواضع الحسن فيه؛ وإنما إلى جانب الآحر؛ إذ الأول هو الأصل في الدراسات القرآنية، وأما الثاني فهو الجسم الغريب الذي يجب التنبيه والتحذير منه.

خاصة إذا علمنا أن أرباب الإعجاز الحسابي يعترفون اعترافًا صريحًا إلى إن هذا الجهاز "الكمبيوتر" قد يعطي أعدادًا غير صحيحة، أو ترتكب في الجدول أخطاء مطبعية، وقد تأكد هذا لديهم في بعض السور وأعداد بعض الحروف١.

وهناك سبب آخر أهم وأخطر؛ وهو أن الدارس في هذا الفن يدفعه حرصه على إثبات هذا الإعجاز العددي إلى التمحل والتكلف في سبيل الوصول إلى أعداد متطابقة؛ فيعد مرة ما لا يُعد، ويحذف أخرى من غير سبب، ويتضح هذا بمثالين أذكرهما من موضع بحثنا كتاب الإعجاز العددي في القرآن.

خذ مثلًا ما ذكره أنه تكرر ذكر إبليس في القرآن الكريم ١١ مرة فقط، وبنفس العدد -أي: ١١ مرة- تكرر الأمر بالاستعاذة منه٢.

وإذا نظرنا إلى لفظ الاستعاذة وجدنا المؤلف لا يورد منه إلا ما هو بلفظ "أعوذ" ولفظ "فاستعذ"، أما الألفاظ "عذت"، "ويعوذون"، "أعيذها"، "معاذ الله"، فإنه لا يعد شيئًا منها مع أن بعضها نص بالاستعاذة من الشيطان: {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} ٣، فإن قلت: إنه نص على ما هو أمر بالاستعاذة من إبليس، قلت: إنه عد من الآيات ما ليست أمرًا بالاستعاذة منه: {قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} ٤، {قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ} ٥، {قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا} ٦، فأين الأمر بالاستعاذة


١ معجزة القرآن العددية: صدقي البيك ص٢٣.
٢ الإعجاز العددي للقرآن الكريم: عبد الرزاق نوفل ج٢ ص١٥.
٣ سورة آل عمران: من الآية ٣٦.
٤ سورة البقرة: من الاية ٦٧.
٥ سورة هود: من الآية ٤٧.
٦ سورة مريم: من الآية ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>