للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكثير منهم في بطون الغواصات أيامًا متطاولات تحت البحار الطاميات، وطيرانهم مثل ذلك في أجواء السماوات، فالإله الذي خلق العقل البشري، ومهد له سبيل الوصول إلى مثل هذه العجائب؛ ألا يكون قادرًا على أن ييسر حصول مثله لعبده يونس ببعض الأسباب التي لم تزل مجهولة لنا؟! هذا ما نقوله للمتسائل المتعجب، أما نحن معشر المسلمين فنؤمن بما ورد في الكتاب ما دام أنه غير محال في العقل"١.

ومن التفسير العقلي التفسير بالرأي المجرد عن الدليل الصحيح، وهذا الأستاذ محمد عبده يفسر قوله تعالى: {وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ} ٢ بقوله: "وفرعون هو حاكم مصر الذي كان في عهد موسى -عليه السلام- وللمفسرين في الأوتاد اختلاف كبير، وأظهر أقوالهم ملاءمة للحقيقة أن الأوتاد: المباني العظيمة الثابتة، وما أجمل التعبير عما ترك المصريون من الأبنية الباقية بالأوتاد؛ فإنها هي الأهرام، ومنظرها في عين الرائي منظر الوتد الضخم المغروز في الأرض؛ بل إن شكل هياكلهم العظيمة في أقسامها شكل الأوتاد المقلوبة، يبتدئ القسم عريضًا وينتهي بأدق مما ابتدأ، وهذه هي الأوتاد التي يصح نسبتها إلى فرعون على أنها معهودة للمخاطبين"٣.

ويعلق الأستاذ الإمام على تفسير الجلال السيوطي لقوله تعالى: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ} ٤ بقوله: "وقال مفسرنا الجلال السيوطي: إن الرعد مَلَك أو صوته، والبرق سوطه يسوق به السحاب"، كأن الملَك جسم مادي؛ لأن الصوت المسموع بالآذان من خصائص الأجسام، وكأن السحاب حمار بليد لا يسير إلا إذا زجر بالصراخ الشديد والضرب المتتابع"٥.


١ تفسير جزء تبارك: عبد القادر المغربي ص٢٩، ٣٠.
٢ سورة الفجر: الآية ١٠.
٣ تفسير جزء عم: محمد عبده ص٧٩.
٤ سورة البقرة: الآية ١٩.
٥ تفسير المنار: محمد رشيد رضا ج١ ص١٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>