للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا تنهَ عن خلق وتأتِيَ مثلَهُ ... عارٌ عليك إذا فعلتَ عظيمُ

بل لم يأتِ هؤلاء مثله، فتجاوزوا المثل، فزجوا بما لم يزج به المفسرون السابقون؛ فرووا من الإسرائيليات ما رواه السابقون، وزادوا عليهم برجوعهم بأنفسهم إلى المصادر التي أخذ منها كعب ووهب!! ولم يقل أحد منهم في نفسه ما قاله في كعب ووهب، فأباحوا لأنفهسم ما لم يبيحوه لسواهم، ونقلوا من الإسرائيليات ما يخالف النص القرآني الكريم ولم ينقدوه أو يبطلوه؛ بل وحرفوا معاني نصوص القرآن الكريم حتى توافق ما جاءوا به من الإسرائيليات.

لست أقول ما قلت من غير تأمل وتفكر، ولست ألقي الكلام على عواهنه -كما يقولون- وليس هذا من قبيل استفزاز المشاعر ضدهم؛ بل هو الحقيقة والواقع، ولنسق الأمثلة واحدًا واحدًا.

أما روايتهم لما ورد من الإسرائيليات من غير رد لها حسب منهجهم الذي ذكروه، فما أورده السيد رشيد رضا في تفسيره حيث قال: "روى نحو هذا ابن جرير، قال: حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا عبد الصمد بن معقل أنه سمع وهب بن منبه يقول: وُكِّلَ بالبقرتين اللتين سارتا بالتابوت أربعة من الملائكة يسوقونها ... إلخ"١.

وقال في تفسير قوله تعالى: {فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا} ٢: "ويروون في هذا الضرب روايات كثيرة، قيل: إن المراد اضربوا المقتول بلسانها، وقيل: بفخذها، وقيل: بذنبها"٣.

ومنه أيضًا ما ذكره الأستاذ أحمد مصطفى المراغي في المائدة التي أُنزلت من السماء فقال: "وللعلماء في الطعام الذي نزل في المائدة آراء؛ فقيل: هو خبز وسمك، وقيل: خبز ولحم، وقيل: كان ينزل عليهم طعامًا أينما ذهبوا، كما كان ينزل


١ تفسير المنار: محمد رشيد رضا ج٢ ص٤٨٤.
٢ سورة البقرة: من الآية ٧٣.
٣ تفسير المنار: محمد رشيد رضا ج١ ص٣٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>