للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون من قبيل {لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} ، وإن قوله بعد ذلك: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} ليدل على أنهم رأوا حالة مادية من شأنها أن تؤثر في النفوس، ومن شأن القلوب أن ترق لها، وأن تتجرد من القسوة والعناد عندها، ومع ذلك لقد قسوا واشتدت قسوتهم، وكانت قلوبهم كالحجارة أو أشد، وكل هذا لا يتفق، وما يريده الشيخان من حمل الآية على المعنى التشريعي فهذا الحمل تأويل منهما؛ لكنه تأويل لا تساعد عليه اللغة، وما هو المعهود من كلام العرب"١.

وقد التمس الشيخ شلتوت لهما عذرًا -وما هو بعذر- حيث قال: "والذي حمل الأستاذ الإمام على هذا -فيما نظن- هو رغبته في التخلص من الاعتراض الذي ذكره بعض المستشرقين، مع وجود النص التشريعي الذي أشار إليه الشيخ بمعناه، ونقله الشيخ رشيد بنصه"٢.

قلت: ولا أحسب هذا بعذر لهما -عفا الله عنهما- وليتعظ الأحياء من بعدهما.

من معجزات عيسى عليه السلام:

قال الله سبحانه وتعالى مثبتًا معجزة لعيسى -عليه السلام- أظهرها سبحانه على يديه: {وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْأِنْجِيلَ، وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ} ٣، وقال سبحانه مثبتًا وقوع هذه المعجزة منه -عليه السلام- بعد إمكانها: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْأِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي} ٤ الآية.


١ تفسير القرآن الكريم: محمود شلتوت ص٤٤، ٤٥.
٢ تفسير القرآن الكريم: محمود شلتوت ص٤٣، ٤٤.
٣ سورة آل عمران: الآيتين ٤٨، ٤٩.
٤ سورة المائدة: من الآية ١١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>