للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحين ننظر في استقرائها هذا فإنا نجدها جعلت المراد بـ "مثقال" في قوله تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} ١، ضآلة الحجم وليس خفة الوزن، ولا أدري ما الذي جعلها تحمله على ذلك مع أن الآية تتحدث عن وضع الموازين لوزن الأعمال، فكان هذا قرينة على أن المراد بالحبة من خردل الوزن، وليس الحجم.

وفي مقابل هذا جزمت الدكتورة عائشة بأن المراد بـ "مثقال" في قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ} ٢، جزمت بغير قرينة بأن المراد خفة الوزن مع أنه قابل لضآلة الحجم أيضا.

والأمثلة على أخطائها في الاستقراء كثيرة نكتفي بما ذكرنا منها.

ثانيها- تحديد المعنى قبل الاستقراء اللغوي:

وقد سبقني بإدراك هذا الدكتور كامل سعفان، حيث قال: "إن الدكتورة عائشة تمضي في الاستقراء اللغوي بعد تحديد المعنى فيبدو عملا لا مبرر له"٣.

والأمثلة أيضا على هذا كثيرة.

في تفسير قوله تعالى: {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى} ٤، حددت معنى الطغيان أوَّلًا، ثم اتجهت إلى الاستقراء ثانيا، فقالت: "والطغيان تجاوز الحد، ويستعمل لغة في الماء يتجاوز الحد إلى الخطر، ومنه في القرآن: {إِنَّا لَمَّا طَغَا الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ} ٥، وفسروا الطاغية كذلك بالطوفان في قوله تعالى:


١ سورة الأنبياء: ٤٧.
٢ سورة سبأ: ٢٢.
٣ المنهج البياني في تفسير القرآن الكريم: د/ كامل علي سعفان ص١٢١.
٤ سورة النازعات: ١٧.
٥ سورة الحاقة: ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>