للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانت دعوى طه حسين "في الشعر الجاهلي" مزمارًا من مزامير المستشرقين وجاء من بعده علي عبد الرازق وأظهر كتابه "الإسلام وأصول الحكم" ثم المدعو محمود أبو رية وأضواءه بل ظلماته على السنة المحمدية وفي عام ١٩٤٧ كتب محمد أحمد خلف الله كتابه "الفن القصصي في القرآن الكريم" وبعده بسنتين اثنتين أصدر محمد أبو زيد تفسيره "الهداية والعرفان في تفسير القرآن بالقرآن". بتنظيم عجيب وترتيب دقيق كأنه مرسوم توالت هذه المؤلفات وتتابعت ما إن يسترد العلماء الصالحون أنفاسهم في الرد على ملحد حتى يكون الآخر قد نشر ونثر ما في جعبته، فيبدأ أولئك المعركة من جديد وهكذا دواليك.

وبين ملحد وآخر يخرج من لا يقل عنهم خبثا بما يشغل المجاهدين ويفت من عضدهم وهم كثير وكثير منهم المسلم نسبا ومنهم النصراني عقيدة، ومنهم من تاب من بعد ومنهم من ينتظر.

وهذا الكتاب إذًا له قصة نحكيها قبل أن ندرسه.

قصة الكتاب:

في سنة ١٩٤٧م قدم محمد أحمد خلف الله، الطالب في كلية الآداب بجامعة فؤاد الأول رسالة للحصول على الدكتوراه عنوانها: "الفن القصصي في القرآن الكريم".

قرر فيها أن القرآن أساطير وأن ورود الخبر في القرآن الكريم لا يقتضي وقوعه، ويخشى على القرآن من مقارنة أخباره بحقائق التاريخ ويقول: إن التاريخ ليس من مقاصد القرآن، إن التمسك به خطر أي خطر على النبي -عليه السلام- وعلى القرآن. بل هو جدير بأن يدفع الناس إلى الكفر بالقرآن كما كفروا من قبل بالتوراة، وإن المعاني التاريخية ليست مما بلغ على أنه دين يتبع وليست من مقاصد القرآن في شيء ومن هنا أهمل القرآن مقومات التاريخ من زمان ومكان وترتيب للأحداث١، ويقول: إنا لا نتحرج من القول بأن القرآن


١ الفن القصصي في القرآن الكريم: د/ محمد أحمد خلف الله، ص٤٢، ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>