وتؤويهم في دورها وقصورها ...*... محاطين بالترحيب فيها وبالنعم
و (بسكرة الغبراء) تروي عليهم ...*... احاديث من إسناد أطلالها البكم
تحييهم بالذكريات شذية ...*... وتوحى اليهم بالجلال وبالعظم
وتملي عليهم من قديم عظاتها ...*... دروسا وما المملي سوى دارس الرسم
أقام (ابن خلدون) بها غير مرة ...*... وحرر فيها بعض تاريخه الضخم
وصادف فيها للعروبة دولة ...*... وللعلم سوقا في الرواج وفي الغنم
وكانت له مشتى جميلا وملجأ ...*... حصينا من القهر المبيت والهضم
ولم يزل الأحرار في كل أمة ...*... يطاردهم قهر الولاة بلا جرم
فهل ترجع الأيام سالف عهدها ...*... وتنفض عنها ما علاها من الهدم
وتجلو لنا آثارها وديارها ...*... واخبارها الأولى يقينا بلا رجم
أرى من حواليها مخايل جمة مبشرة دلت على وابل سجم
أحيي السراة المحسنين صنيعة ...*... ببسكرة الساخين بالنائل الجم
وأدعوهم للبذل والبذل عصمة ...*... لهم ولما شادوه من كل ما يصمي
ألم تر ما قاموا به من مبرة ...*... تبشر في العقبى بفوزهم الحتم
بمدرسة كالطود أعلوا بناءها ...*... فكانت حمى للطفل والجاهل الأمي
وأما حنونا أو أبا متعطفا ...*... لكل يتيم يستجير من اليتم
جلوها على الانظار مرصوصة البنا ...*... مقومة الهندام موشية الرقم
وجادوا بوسمي السخاء فهل نرى ...*... ولي سخاء منهم عقب الوسمي
هلال بدا في الأفق نرقب أنه ...*... يؤول على قرب الى قمر تم
وطير بديع لو يضم جناحه ...*... إليه لحاز الحسن اجمع بالضم (١)
(١) يشير الشاعر إلى أن الذي تم بناؤه إنما هو جناح واحد، ويقابله جناح آخر لم يتم، وقد أبدع في التمثيل بالطير، وفي ذكر الجناحين مع لفظ الضم. إحسان في التصريف وتصوير شعري جميل