[أسطر الكون]
هذه القصيدة من بواكير شعر الشاعر في شبابه، وهي تدل على ما ينطوي عليه ذلك الجسم الضئيل من مواهب كمينة تدرجت فيشعره، وتجلت في شعر الحكمة والمثل والنصيحة، وهي الأنواع التي بلغ فيها القمة.
ــ
سئمت على شرخ الشباب حياتي ...*... فحرت ولم أملك على ثباتي
أرى حظ أرذال النفوس مواتنا ...*... وحظ كريم النفس غير مواتي
فأوجس في نفسي من الدهر خيفة ...*... لعلمي بأن الدهر ذو غمرات
أرى الكون قرآنا من الله منزلا ...*... على الروح والأحداث آي عظات
وأقرأ من آي الشقاوة أسطرا ...*... على صفحات الكون مرتسمات
فسطر عياييل أمضهم الطوى ...*... عراة على لفح الأثير حفاة
وسطر أيامى يصطرخن توجعا ...*... من البؤس لا يفتأن مكتئبات
وسطر يتامى مرهقين تكبهم ...*... على جرف البلوى يد العثرات
وسطر شيوخ كالأهلة شيب ...*... وهل شيبهم إلا نذير وفاة
وسطر مشائيم غرار أذلة ...*... يسامون بالارزاء والنكبات
وفوقهم سطر من الخلق كله ...*... جناة لعمر الحق فوق جناة
جناة يرى الرائي من الليل مسحة ...*... على سطرهم والظلم كالظلمات؟
فهل كان هذا الكون سيفا مشطبا ...*... يمثل بالأرواح والمهجات؟
وهل كان هذا الكون سوطا مبرحا ...*... يدع بني الإنسان بالسنوات؟
فمن ستة جاءت بكل ملمة ...*... إلى سنة جاءت بكل آذاة