للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما القسم الثاني فهو تدليس الشيوخ. وهو أن يصف راويه بأوصاف أعظم من حقيقته أو يسميه بغير كنيته، قاصدًا إلى تعمية أمره. من ذلك أن يقول: حدثنا العلامة الثبت، أو الحافظ الضابط. ومن ذلك ما رواه أبو بكر بن مجاهد المقرئ عن أبي بكر بن أبي داوود قال: «حدثنا عبد الله بن أبي عبد الله»، وعن أبي بكر محمد بن حسن النقاش المفسر قال: «حدثنا محمد بن سند» فنسبه إلى جد له، ولم ينسبه إلى أبيه، وهو الاسم الذي يشتهر به (١).

ويرى ابن الصلاح أن الخطيب البغدادي: «كَانَ لَهْجًا بِهَذَا التَّقْسِيمِ فِي مُصَنَّفَاتِهِ» (٢)، وينقل عنه بعض الأمثلة في ذلك: منها أن الخطيب يروي في كتبه عن أبي القاسم الأزهري، وعن عبيد الله بن أبي الفتح الفاسي، وعن عبيد الله بن أحمد بن عثمان الصيرفي، والجميع شخص واحد من مشايخه.

ويروي أيضًا عن الحسن بن محمد الخلال، وعن الحسن بن أبي طالب، وعن أبي محمد الخلال، والجميع شخص واحد.

ويروي كذلك عن أبي القاسم التنوخي، وعن علي بن المحسن، وعن القاضي أبي القاسم علي بن المحسن التنوخي، وعن علي بن أبي علي المعدل والجميع شخص واحد.

ونحن في الواقع نُجِلُّ الحافظ الخطيب عن أن يكون قصده تعمية أمر واحد من هؤلاء الشيوخ، ولكنا لا نكتم استغرابنا من ذكره هذه الأسماء التي


(١) " اختصار علوم الحديث ": ص ٥٩.
(٢) " التوضيح ": ١/ ٣٦٩.