للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بطلب الحديث والرحلة (١)، أو أنه بقي في الرحلة بضع عشرة سنة (٢)، وكان يقال في أمثال هؤلاء أَحْيَانًا: تُضرب إليه آباط المطيِّ أو أكباد المطيِّ (٣)، أو رحل الناس إليه (٤)، أو كانت الرحلة إليه في زمانه (٥).

وواضح أنَّ لقب «الرحَّال والرحَّالة، والجوَّال والجوَّالة» كان وقفاً على كبار المُحَدِّثِينَ أمثل من ذكرنا ممن تحمَّل المشاق، وسافر إلى الآفاق، طلباً لأحاديث تقل أو تكثر، فكان الناس يسألون عن نوع المشقات التي مَرَّ بها هؤلاء المحدثون، وكان الذي يوصف بأنه «طوَّاف الأقاليم» موضع الإكبار والإجلال في جميع العصور.

ولا ريب أنَّ بعض هؤلاء الجوالين قد طوَّفوا بالشرق وبالغرب مراراً. وإنَّ المستشرق جولدتسيهر Goldziher - على ولوعه بإنكار أخبار القوم - لا يفوته أنْ يعترف بأنَّ «الرحَّالين الذين يقولون إنهم طافوا الشرق والغرب أربع مرات ليسوا - مبعدين ولا مغالين» (٦).


(١) كما قالوا في البجيري: «الحافظ الإمام الكبير أبي حفص عمر بن محمد بن بجير الهمذاني السمرقندي. مُحَدِّثُ ما وراء النهر. تُوُفِّيَ سَنَةَ ٣١١ هـ» " تذكرة الحفاظ ": ٢/ ٧٢٠.
(٢) كأبي طاهر السِلفي - بكسر السين نسبة إلى جده سلفة - الحافظ العلاَّمة شيخ الإسلام عماد الدين أحمد بن محمد الأصبهاني الجرواءاني. تُوُفِّيَ سَنَةَ ٥٧٦. انظر " تذكرة الحفاظ ": ٤/ ١٢٩٨ رقم ١٢٩٨.
(٣) " معجم البلدان " لياقوت: ١/ ٦٦٤.
(٤) " تذكرة الحفاظ ": ٢/ ٨٠٧.
(٥) كما قالوا في ابن حبيش أبي القاسم عبد الرحمن الأندلسي (- ٥٨٤ هـ) انظر " تذكرة الحفاظ ": ٤/ ١٣٥٤.
(٦) Goldziher, Etudes sur la Tradition Islamique, p. ٢٢٠.