للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال ابن القيم: " ودّع ابن عون رجلاً فقال: عليك بتقوى الله؛ فإن المتقي ليست عليه وحشة. وقال زيد بن أسلم: كان يقال: من اتقى الله أحبه الناس، وإن كرهوا، وقال الثوري لابن أبي ذئب: إن اتقيت الله كفاك الناس، وإن اتقيت الناس لن يغنوا عنك من الله شيئًا" (١).

وقال أيضًا: " أرضُ الفطرة رحبة قابلة لما يُغرس فيها؛ فإن غُرست شجرة الإيمان والتقوى أورثت حلاوة الأبد، وإن غُرست شجرة الجهل والهوى فكلُّ الثمر مُرّ (٢).

وقال ابن الجوزي: "اعلم أن الزمان لا يثبت على حال؛ كما قال عز وجل: {وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [آل عمران: ١٤٠]. فتارة فقر وتارة غنى، وتارة عز وتارة ذل، وتارة يفرح الأهالي، وتارة يشمت الأعادي. فالسعيد من لازم أصلاً واحداً على كل حال، وهو تقوى الله عز وجل؛ فإنه إن استغنى زانته، وإن افتقر فتحت له أبواب الصبر، وإن عوفي تمت النعمة عليه، وإن ابتلي جمّلته، ولا يضره إن نزل به الزمان أو صعد، أو أعراه أو أشبعه أو أجاعه؛ لأن جميع تلك الأشياء تزول وتتغير، والتقوى أصل السلامة، حارس لا ينام، يأخذ باليد عند العثرة، ويوقف على الحدود" (٣).

وقال أيضًا: "فأما الملازم لطريق التقوى فلا آفة تطرقه، ولا بلية تنزل به، هذا هو الأغلب، فإن طرقته مع التقوى، فذاك في الأغلب لتقدم ذنب يجازى عليه، فإن قدرنا عدم الذنب. فذاك لإدخال ذهب صبره كير البلاء، حتى يخرج تبراً أحمر، فهو يرى عذوبة العذاب؛ لأنه يشاهد المبتلي في البلاء" (٤).

سابعًا: الحصول على رزق حسن من وجوه لا تخطر على بال المتقي، قال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: ٢] {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: ٣]. يعني: "ويسبب له أسباب الرزق من حيث لا يشعر، ولا يعلم" (٥).


(١) الفوائد، لابن القيم (ص: ٥٤).
(٢) المرجع السابق (ص: ٣٤).
(٣) صيد الخاطر، لابن الجوزي (ص: ٨٩).
(٤) المرجع السابق (ص: ٩٥).
(٥) تفسير الطبري (٢٣/ ٤٤٥).

<<  <   >  >>