للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وعن إسرائيل بن محمد القاضي قال: "لقيني مجنون كان في الخرابات فقال: يا إسرائيل، خفِ الله خوفًا يشغلك عن الرجاء؛ فإن الرجاء يشغلك عن الخوف، وفر إلى الله ولا تفر منه" (١).

حقيقة الخوف من الله تعالى:

إن الخوف من الله تعالى عمل قلبي يحمل العبد على امتثال أوامر الله وترك نواهيه.

وحقيقته أنه: " الانخلاع عن طمأْنينة الأَمن بمطالعة الخَبر، يعني: الخروج من سكون الأَمن باستحضار ما أَخبر اللهُ به من الوعد والوعيد" (٢).

وصدقُ الخوف هو: الورع عن الآثام ظاهراً وباطنًا، والخوف المحمود: ما حجز العبد عن محارم الله (٣).

فإِذا تجاوز ذلك خيف منه اليأْس والقنوط (٤).

قال ابن رجب: "والقدر الواجب من الخوف: ما حمل على أداء الفرائض واجتناب المحارم، فإن زاد على ذلك، بحيث صار باعثًا للنّفوس على التّشمير في نوافل الطّاعات والانكفاف عن دقائق المكروهات والتّبسّط في فضول المباحات؛ كان ذلك فضلاً محموداً، فإن تزايد على ذلك بأن أورث مرضًا أو موتًا، أو همّا لازمًا، بحيث يقطع عن السّعي في اكتساب الفضائل المطلوبة المحبوبة للّه- عزّ وجلّ-؛ لم يكن محموداً؛ ولهذا كان السلف يخافون على عطاء السلمي من شدة خوفه الذي أنساه القرآن، وصار صاحب فراش، وهذا لأن خوف العقاب ليس مقصوداً لذاته، إنما هو سوط يساق به المتواني عن الطاعة إليها " (٥).


(١) أدب الدنيا والدين، للماوردي (ص: ١٢٣).
(٢) بصائر ذوى التمييز في لطائف الكتاب العزيز، للفيروزآبادي (ص: ٧٤٧).
(٣) مدارج السالكين، لابن القيم (١/ ٥١٤).
(٤) بصائر ذوى التمييز في لطائف الكتاب العزيز، للفيروزآبادي (ص: ٧٤٧).
(٥) التخويف من النار، لابن رجب (٣٤).

<<  <   >  >>