للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أهمية الخوف من الله تعالى:

"إنّ اللّه خلق الخلق ليعرفوه ويعبدوه ويخشوه ويخافوه، ونصب لهم الأدلّة الدّالّة على عظمته وكبريائه ليهابوه ويخافوه خوف الإجلال، ووصف لهم شدّة عذابه ودار عقابه الّتي أعدّها لمن عصاه ليتّقوه بصالح الأعمال؛ ولهذا كرّر سبحانه وتعالى في كتابه ذكر النّار وما أعدّه فيها لأعدائه من العذاب والنّكال، وما احتوت عليه من الزّقّوم والضّريع والحميم والسّلاسل والأغلال، إلى غير ذلك ممّا فيها من العظائم والأهوال، ودعا عباده بذلك إلى خشيته وتقواه والمسارعة إلى امتثال ما يأمر به ويحبّه ويرضاه، واجتناب ما ينهى عنه ويكرهه ويأباه، فمن تأمّل الكتاب الكريم وأدار فكره فيه وجد من ذلك العجب العجاب، وكذلك السّنّة الصّحيحة الّتي هي مفسّرة ومبيّنة لمعاني الكتاب، وكذلك سير السّلف الصّالح أهل العلم والإيمان من الصّحابة والتّابعين لهم بإحسان، من تأمّلها علم أحوال القوم وما كانوا عليه من الخوف والخشية والإخبات، وأنّ ذلك هو الّذي رقّاهم إلى تلك الأحوال الشّريفة والمقامات السّنيّات، من شدّة الاجتهاد في الطّاعات والانكفاف عن دقائق الأعمال والمكروهات فضلاً عن المحرّمات" (١).

قال الوليد بن أبي السّائب: "ما رأيت أحداً قطّ كان الخوف على وجهه أبين منه على عمر بن عبد العزيز" (٢).

وقال يزيد بن حوشب: "ما رأيت أخوف من الحسن وعمر بن عبد العزيز، كأنّ النّار لم تخلق إلّا لهما" (٣).

وقال ابن الجوزي: "قال الحسن: صحبت أقواماً كانوا لحسناتهم أن تُردَّ عليهم أخوفَ منكم من سيئاتكم أن تعذبوا بها، ووصفه يوسف بن عبد المحسن فقال: كان إذا


(١) المرجع السابق (٦).
(٢) سيرة عمر بن عبد العزيز لابن الجوزي (١٦٢).
(٣) المرجع السابق (١٦٣).

<<  <   >  >>