للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا آيات الله تعالى المسطورة والمنشورة تعظه، ولا عِبر الحياة وأحداثها ترد إليه عقله ورشده، فغدا أصم السمع، أعمى البصر، محجوب القلب عما ينفعه، فشقي بذلك أيما شقاء، ولا غرو فإن شقاء الغفلة داء قتال شقي به أكثر الأحياء وندم عليه أكثر الأموات.

قال زين الدين ابن رجب: " ورُئيَ بعض الموتى في المنام فقال: ما عندكم أكثر من الغفلة، وما عندنا أكثر من الحسرة! " (١).

وقال عمر بن عبد العزيز:

ومِن الناسِ مَنْ يَعِيشُ شَقِيّاً … جِيفةَ الليل غافِلَ اليَقَظَهْ

فإِذا كان ذا حَياءٍ ودِينٍ … راقَب اللّهَ واتَّقى الحَفَظهْ

إِنَّما الناسُ سائرٌ ومُقِيمٌ … والذي سارَ لِلْمُقِيم عِظَهْ (٢).

وقال الغزالي: " مفتاح السعادة التيقظ والفطنة، ومنبع الشقاوة الغرور والغفلة (٣).

وقال ابن كثير: " وقال بعض الحكماء: من نظر إلى الدنيا بغير العبرة انطَمَسَ مِنْ قلبه بقدر تلك الغَفْلَة" (٤).

فلهذا حذرنا الله تعالى من الغفلة والغافلين؛ فنهى تعالى في كتابه الكريم المسلمَ عن أن يكون من أهل الغفلة فقال: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ} [الأعراف: ٢٠٥]. وبيّن سبحانه صفات الغافلين حتى نحذرها ولا نكون من أهلها فقال: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف: ١٧٩]. وقال: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ


(١) أهوال القبور، لابن رجب (ص: ٦٤).
(٢) لسان العرب، لابن منظور (٧/ ٤٦٦).
(٣) إحياء علوم الدين، للغزالي (٣/ ٣٧٨).
(٤) تفسير ابن كثير (٢/ ١٨٥).

<<  <   >  >>