للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحديث: أن الحرص على المال والشرف أكثر إفساداً للدين من إفساد الذئبين للغنم؛ لأن ذلك الأشر والبطر يستفز صاحبه، ويأخذ به إلى ما يضره، وذلك مذموم؛ لاستدعائه العلو في الأرض والفساد المذمومين شرعا" (١). ومن الناس من انصرف عن العبادة إلى العكوف في أحضان الحرام من سكر أو قمار أو فاحشة، ورأى أن ذلك هو الحياة، كما قال بعضهم:

إنما العيشُ سماعٌ … ومدامٌ وغلامُ (٢)

فإذا فاتك هذا … فعلى العيش السلام (٣)!!

ومنهم من ساق خطاه وفكره ووقته وحياته للاهتمام بالرياضة أو متابعة أخبار العالم المختلفة، ونسي معها شيئًا يقال له: العبادة، وذهل بسببها عن إلهه الذي أمره بالانشغال به لا بالانشغال عنه، فصارت تلك الملهيات هي الربَّ المعبود والكعبة المقصودة التي إليها يتوجه لا عنها يتجه إلى عبادة ربه سبحانه.

وهناك جم غفير انشغل بالكسل والقعود فصارت العبادة لديه مطلبًا ثقيلاً لا يؤدي منها إلا بعض ما وجب مع تقصير فيما أدى منها.

وفي أفق هذه الظلمات المتكاثفة تقل رؤية الخطى المقبلة على رياض العبادة، والجموع المعتكفة في محاريب التنسك، وتندر البيئة المساعدة على الإقبال على الطاعة وترك ملهيات الحياة التي أورثت الكدر والضيق والحنين إلى الماضي العتيق.

"ولا سبيل للخروج من هذا المأزق إلا بالتزام العبودية لله تعالى والتحرر من عبودية الوثنيات والطواغيت على اختلاف أشكالها وأنواعها، تلك العبودية التي لو استجاب الناس لها لعاشوا في اطمئنان وسعادة وسلام، والتي هي أساس العمل الصالح


(١) فيض القدير، للمناوي (٥/ ٤٤٥).
(٢) يريد: إنما العيش الكامل في سماع الغناء وفي شرب الخمر وفي .... !!
(٣) محاضرات الأدباء، الراغب الأصفهاني (١/ ٣١١).

<<  <   >  >>