للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذي يثمر نهضة الأمة، وينقذ الإنسانية جمعاء من جحيم العبودية والخضوع للبشر، ويرد عليها تراثها ويرفع منزلتها ويمنحها السعادة والفوز في الدارين" (١).

العلم والعبادة:

وإن نسيت فلست أنسى حملة العلم ومن يشار إليهم في المجتمع المسلم بالالتزام والاستقامة، ففيهم خيار فضلاء جمعوا بين العلم والعمل، فاتخذوا العلم وسيلة إلى العبادة فأقبلوا عليها وصار لهم منها نصيب وافر، حتى ظهر أثرها عليهم في سمتهم وهديهم وأخلاقهم ومعاملتهم، وزهدهم عن الدنيا وتعلقهم بالآخرة، فهذا هو العلم النافع الذي يكون حجة لصاحبه.

وهناك طائفة أخرى ليس لهم من العلم إلا خزن المعلومات، وتجميع المحفوظات، وأما الإقبال على كثرة العبادة والتحلي بالورع والزهادة، والتخلي عن لهو الدنيا؛ فإنما هي أخبار يقرؤونها عن أهلها في الكتب، وقد يعظون بها الناس، أما هم فليسوا مقصودين بذلك!

ولهذه الحال المؤسفة ظهر مرض بين بعض حملة العلم أو من يعدون بين الناس من المستقيمين -إلا من رحم الله- ألا وهو النزوع عن المسابقة إلى العبادة، أو تركُ العمل بما حملوا من العلم وعرفوا من الحق.

فصار بعضهم كغيرهم في التلهي بالدنيا، والانشغال بزخارف العيش، وقلة النشاط في الجانب العبادي، وظهور بعض المعاصي والانحرافات. والعلم لا ينفع العبد" إلا باستقامة قلبه، وإلا عاد العلم عليه فصار جهلاً، وعاد العمل فصار ضرراً، مع أن فساد قلوبنا هو الذي فرق بيننا وبين سلوك طريق الاستقامة، والاتباع للقوم الذين يصلحون عند فساد الناس" (٢).


(١) منهج شيخ الإسلام في العبادة والتزكية، عبدالله الحيالي (ص: ١).
(٢) المدخل، لابن الحاج (٣/ ١٥٠).

<<  <   >  >>