للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أولاً: التفكر في عواقب المعاصي وآثارها السيئة، فمن نظر في أضرار المعاصي وآثارها بعين العقل ساقته إلى التوبة من غير تريث.

قال ابن الجوزي: " أجهل الجهال من آثر عاجلاً على آجل لا يأمن سوء مغبته، فكم قد سمعنا عن سلطان وأمير وصاحب مال أطلق نفسه في شهواتها، ولم ينظر في حلال وحرام فنزل به من الندم وقت الموت أضعاف ما التذ، ولقي من مرير الحسرات ما لا يقاومه ولا ذرة من كل لذة. ولو كان هذا فحسب لكفى حزناً، كيف والجزاء الدائم بين يديه؟! … وهل عُدّ في العقلاء قط من قيل له: اجلس في المملكة سنة ثم نقتلك. هيهات بل الأمر بالعكس، وهو أن العاقل من صابر مرارة الجهد سنة، بل سنين ليستريح في عاقبته، وفي الجملة أفٍ للذة أعقبت عقوبة" (١).

ثانيًا: الاعتراف بالذنب وإقرار النفس به وعدم الإصرار عليه، فإقرار المرء بذنبه يحمله على تركه. قال تعالى: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة: ١٠٢].

قال ابن القيم: " الإصرار هو الاستمرار على المخالفة والعزم على المعاودة، وذلك ذنب آخر لعله أعظم من الذنب الأول بكثير، وهذا من عقوبة الذنب أنه يوجب ذنبًا أكبر منه، ثم الثاني كذلك ثم الثالث كذلك حتى يستحكم الهلاك. فالإصرار على المعصية معصية أخرى، والقعود عن تدارك الفارط من المعصية إصرار ورضا بها وطمأنينة إليها وذلك علامة الهلاك" (٢).

ثالثًا: مفارقة بيئة المعصية وأسبابِ العودة إليها، عن أبي سعيد الخدري: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسًا، فسأل عن أعلم أهل الأرض فدل على راهب فأتاه فقال: إنه قتل تسعة وتسعين نفسًا فهل له من


(١) صيد الخاطر، لابن الجوزي (ص: ١٢٩).
(٢) مدارج السالكين، لابن القيم (١/ ١٨١).

<<  <   >  >>