للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحق فهو ضال، ومن عرفه وآثر غيره عليه فهو مغضوب عليه، ومن عرفه واتبعه فهو منعم عليه" (١).

والإنسان إذا لم يعتنِ بحياة قلبه بل ضيعه في لجج الأهواء وشهوات الدنيا، وصرف وقته فيما لا يعود على قلبه بالحياة؛ فقد خسر خسرانًا مبينًا، فأعظم الإضاعات" إضاعة القلب، وإضاعة الوقت؛ فإضاعة القلب من إيثار الدنيا على الآخرة، وإضاعة الوقت من طول الأمل، فاجتمع الفساد كله في اتباع الهوى وطول الأمل، والصلاح كله في اتباع الهدى والاستعداد للقاء" (٢).

"قال العارفون: ومن علامات صحة القلب: أن لا يفتر عن ذكر ربه، ولا يسأم من خدمته، ولا يأنس بغيره" (٣).

وقال ابن القيم: "القلب الحي هو الذي يعرف الحق ويقبله ويحبه ويؤثره على غيره، فإذا مات القلب لم يبق فيه إحساس ولا تمييز بين الحق والباطل، ولا إرادة للحق وكراهة للباطل، بمنزلة الجسد الميت الذي لا يحس بلذة الطعام والشراب وألم فقدهما" (٤).

وقال-وهو يعدد علامات صحة القلب وحياته: " أن يرتحل عن الدنيا حتى ينزل بالآخرة، ويحل فيها، حتى يبقى كأنه من أهلها وأبنائها، جاء إلى هذه الدار غريباً يأخذ منها حاجته ويعود إلى وطنه …

قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إن الدنيا قد ترحلت مدبرة، وإن الآخرة قد ترحلت مقبلة، ولكل منهما بنون؛ فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا؛ فإن اليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل.


(١) إغاثة اللهفان، لابن القيم (١/ ٢٤).
(٢) شرح الحكم العطائية (ص: ٣٩).
(٣) جامع العلوم والحكم، لابن رجب (٥٢/ ٩).
(٤) شفاء العليل، لابن القيم (ص: ١٠٤).

<<  <   >  >>