للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قد يَنْفَعُ الحَذَرُ

كتب عمر بن عبد العزيز إلى البربري الشاعر: أنْ عِظْني. فكتب إليه:

بِسْمِ الذي أُنزِلَتْ مِنْ عِنْده السُّوَرُ … والحمدُ لله أمَا بَعْدُ يا عُمَرُ

إن كنتَ تَعْلَمُ ما تأتي وما تذَرُ … فكُنْ على حَذَرٍ قد يَنْفَعُ الحَذَرُ

واصْبرْ على القَدَرِ المَجْلوبِ وَارْضَ بِهِ … وإنْ أتاك بما لا تَشْتَهِي القَدَرُ

فما صَفا لامرئ عَيْشٌ يُسَرُّ بِهِ … إلاّ سَيَتْبَعُ يَوْماً صفوَهُ الكَدَرُ (١).

لا تكن ممن غرَّهم ستر الله

قال عمر بن عبد العزيز لخالد بن صفوان: عظني وأوجز. فقال خالد: "يا أمير المؤمنين، إن أقوامًا غرَّهم سترُ الله، وفتنهم حسن الثناء، فلا يغلبن جهلُ غيرك بك علمَك بنفسك، أعاذنا الله وإياك أن نكون بالستر مغرورين، وبثناء الناس مسرورين، وعما افترض الله علينا متخلِّفين ومقصرين، وإلى الأهواء مائلين، قال: فبكى ثم قال: أعاذنا الله وإياك من اتباع الهوى" (٢).

لا تُطِلْ عنان الأمل في الغفلة

دخل الإمام الشافعي على الرشيد فقال الرشيد: عظني. فقال: "على شرط رفع الحشمة، وترك الهيبة، وقبول النصيحة"، قال: نعم. قال: اعلم أن من أطال عِنانَ الأمل في الغِرَّة (٣) طوى عنان الحذر في المهلة، ومن لم يعوِّل على طريق النجاة خسر يوم القيامة إذا امتدت يد الندامة" فبكى هارون (٤).


(١) الوافي بالوفيات، الصفدي (٥/ ١٧).
(٢) حلية الأولياء، لأبي نعيم (٨/ ١٨).
(٣) الغرة: الغفلة.
(٤) شذرات الذهب - ابن العماد (١/ ٣٢٩).

<<  <   >  >>