للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا يغرنَّك ثناؤهم

وفدَ على عمر بن عبد العزيز وفدٌ وكان فيهم شاب حديث السن فتكلم الشاب، فنظر إليه عمر فحدَّد النظر ثم قال: الكِبرَ الكبرَ، قال الشاب: يا أمير المؤمنين، ليس بالكبر ولا بالصغر، لو كان بالكبر لقد كان في الناس من هو أكبر منك. قال: صدقت، فتكلم. قال: ما جئناك لرغبة ولا رهبة، فنظر إليه عمر أيضًا. فقال: أما الرغبة فقد أتتنا في منازلنا، وأما الرهبة فقد أمِنا جورَك، ولكنا وفدُ الشكر. قال فسُرِّي عن عمر. وقال: يا فتى، أرى لك عقلاً فعظني. قال: "إن قومًا اغتروا بالله فيك فأثنوا عليك بما ليس فيك، فلا يغرنك اغترارهم بالله فيك، مع ما تعرفه من نفسك" (١).

إن متَّ لم تعُد إلى الدنيا أبدا

قال محمّد بن الحسين: دخلت على محمّد بن مقاتل، فقلت له: عظني. فقال: اعمل؛ فإن متَّ لم تعُدْ أبداً، وانظر إلى الذّاهبين هل عادوا؟

تذهبُ أيّامنا على لعبٍ … منّا بها والذّنوب تزدادُ

أين أحبابنا وبهجتهم … بطيب أيّامِ عيشهم بادوا" (٢).

اجعلِ الموتَ عند رأسك

قال عمر بن عبد العزيز لأبي حازم: عظني. قال: اضطجعْ، ثم اجعل الموتَ عند رأسك، ثم انظر ما تحب أن تكون فيه تلك الساعة فخذْ فيه الآن، وما تكره أن يكون فيك تلك الساعة فدعه الآن" (٣).


(١) تاريخ دمشق، لابن عساكر (٦٨/ ١٩٤).
(٢) برد الأكباد عند فقد الأولاد، لابن ناصر الدين (٦٨).
(٣) حلية الأولياء، لأبي نعيم (٥/ ٣١٧).

<<  <   >  >>