للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال ابن كثير: الصلاة من أكبر العون على الثبات في الأمر كما قال تعالى: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ … } الآية. قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا حزبه أمر (١) صلى، وقال حذيفة كذلك: رجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الأحزاب وهو مشتمل في شملة (٢) يصلي، وكان إذا حزبه أمر صلى. وعن علي رضي الله عنه قال: لقد رأيتنا ليلة بدر وما فينا إلا نائم، غير رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ويدعو حتى أصبح. وعن ابن عباس أنه نعي إليه أخوه قُثم وهو في سفر، فاسترجع ثم تنحى عن الطريق فأناخ، فصلى ركعتين أطال فيهما الجلوس، ثم قام يمشي إلى راحلته وهو يقول: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ} (٣).

وقال ابن حجر في حديث: أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقَالَ: (سُبْحَانَ اللَّهِ مَاذَا أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنْ الْفِتَنِ وَمَاذَا فُتِحَ مِنْ الْخَزَائِنِ! أَيْقِظُوا صَوَاحِبَاتِ الْحُجَرِ، فَرُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ فِي الْآخِرَةِ) (٤): " وفي الحديث استحباب الإسراع إلى الصلاة عند خشية الشر، كما قال تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ} وكان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة، وأمر من رأى في منامه ما يكره أن يصلي" (٥). وقال ابن حجر عن الصلاة أيضًا: " ومن أسرارها: أنها تعين على الصبر؛ لما فيها من الذكر والدعاء والخضوع" (٦).

فما أحوجنا هذه الأيام إلى كثرة الصلاة في هذه الخطوب التي نعيشها!


(١) أي: إذا نزل به مُهمٌّ أو أصابَه غمٌّ. النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير (١/ ٩٤٥).
(٢) اشتمل بثوبه أداره على جسده كله، والشملة كساء من صوف أو شعر. المعجم الوسيط (١/ ٤٩٥).
(٣) تفسير ابن كثير (١/ ١١٢).
(٤) رواه البخاري (١/ ٥٤).
(٥) فتح الباري (١/ ٢١١).
(٦) فتح الباري (٣/ ١٧٢).

<<  <   >  >>