للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال أيضًا: " والمقصود أن مصالح الصوم لما كانت مشهودة بالعقول السليمة والفطر المستقيمة؛ شرعه الله لعباده؛ رحمة بهم، وإحسانًا إليهم وحِمية لهم وجُنة. وكان هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه أكمل الهدي وأعظمَ تحصيلٍ للمقصود وأسهله على النفوس. ولما كان فطم النفوس عن مألوفاتها وشهواتها من أشق الأمور وأصعبها، تأخر فرضه إلى وسط الإسلام بعد الهجرة لما توطنت النفوس على التوحيد والصلاة، وألفت أوامر القرآن فنقلت إليه بالتدريج" (١).

فضائل الصيام وثمراته:

الصيام عبادة عظيمة لها فضائلها بين العبادات، ومزاياها الرفيعة بين الطاعات، ومكانتها السامية بين القربات، وثمراتها اليانعة في رياض الأعمال الصالحات.

وفضيلة الشيء وثمرته تدعو إلى الحرص عليه، ومعرفة شرفه ومزيته تعين على العمل به وامتثاله إن كان مما يُعمل ويمتثل، والصيام من ذلك، فمن تلك الفضائل والثمرات للصيام:

أولاً: أنه عبادة لا مِثل لها. عن أبي أمامة أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي العمل أفضل؟ قال: (عليك بالصوم؛ فإنه لا عِدل له) (٢).

" فإنه لا عدل له؛ إذ هو يقوي القلب والفطنة، ويزيد في الذكاء ومكارم الأخلاق، وإذا صام المرء اعتاد قلة الأكل والشرب، وانقمعت شهواته، وانقلعت مواد الذنوب من أصلها، ودخل في الخير من كل وجه، وأحاطت به الحسنات من كل جهة" (٣).

ثانيًا: أن الله وعد عليه الجزاء من غير عدد؛ لبيان عظمته وعلو قدره. قال رسول الله


(١) زاد المعاد، لابن القيم (٢/ ٢٦).
(٢) رواه النسائي (٤/ ١٦٥)، وابن خزيمة (٣/ ١٩٤)، وهو صحيح.
(٣) فيض القدير، للمناوي (٤/ ٣٣٠).

<<  <   >  >>