للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

معاهد، إلا أن يستغني عنها صاحبها، ومن نزل بقوم فعليهم أن يقروه، فإن لم يقروه فله أن يعقبهم بمثل قِراه) (١).

ففي هذا الحديث تحذير من" مخالفة السنن التي سنها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مما ليس له في القرآن ذكر" (٢).

قال الطيبي: "وفي هذا الحديث توبيخ وتقريع عظيم على ترك السنة والعمل بالحديث؛ استغناء عنها بالكتاب، هذا مع الكتاب فكيف بمن رجح الرأي على الحديث، وإذا سمع حديثًا من الأحاديث الصحيحة قال: لا عليّ بأن أعمل بها؛ فإن لي مذهباً أتبعه! " (٣).

وقال المباركفوري: " والمعنى: لا يجوز الإعراض عن حديثه عليه الصلاة و السلام؛ لأن المعرض عنه معرض عن القرآن، قال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: ٧]، وقال تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: ٣] {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: ٤] " (٤).

وقال أبو إسحاق إسماعيل بن سعيد الكسائي الفقيه: "يجب على الناس أن يتبعوا القرآن، ولا يخالفوه، فإن احتج محتج بأن في السنن ما يخالف التنزيل، قيل لهم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه). وكل سنة ثبتت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجوز لقائل أن يقول: إنها خلاف التنزيل؛ لأن السنة تفسر التنزيل، والسنة كان ينزل بها جبريل، ويعلمها رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان لا يقول قولاً يخالف التنزيل إلا ما نسخ من قوله بالتنزيل، فمعنى التنزيل ما قال


(١) سنن أبى داود (٤/ ٣٢٨).
(٢) تفسير سنن أبي داود (معالم السنن) لأبي سليمان الخطابي (٣/ ١٣٥).
(٣) حاشية السندي على ابن ماجه (١/ ١).
(٤) تحفة الأحوذي، للمباركفوري (٧/ ٣٥٤).

<<  <   >  >>