للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثالثًا: أنه أحد ركني الدِّين اللذين يقوم عليهما، قال ابن القيم: "مبنى الدين على قاعدتين: الذكر والشكر، قال تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ} [البقرة: ١٥٢]، وقال النبي لمعاذ: (والله إني لأحبك، فلا تنسَ أن تقول دبر كل صلاة: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك) … وهذان الأمران [الذكر والشكر] هما جِماع الدين؛ فذكره مستلزم لمعرفته، وشكره متضمن لطاعته، وهذان هما الغاية التي خُلق لأجلها الجن والإنس، والسموات والأرض ووضع لأجلها الثواب والعقاب … فثبت بما ذكر أن غاية الخلق والأمر أن يُذكر وأن يشكر؛ يذكر فلا ينسى، ويشكر فلا يكفر، وهو سبحانه ذاكر لمن ذكره، شاكر لمن شكره، فذكره سبب لذكره، وشكره سبب لزيادته من فضله، فالذكر للقلب واللسان، والشكر للقلب محبة وإنابة وللسان ثناء وحمد وللجوارح طاعة وخدمة" (١).

رابعًا: أنه من أعظم أسباب النصر عند لقاء العدو، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الأنفال: ٤٥]. قال ابن القيم: "وقرنه بالجهاد وأمر بذكره عند ملاقاة الأقران ومكافحة الأعداء … وفي أثر إلهي يقول الله تعالى: إن عبدي كل عبدي الذي يذكرني وهو ملاقٍ قِرْنه (٢). سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يستشهد به وسمعته يقول: المحبون يفتخرون بذكر من يحبونه في هذه الحال؛ كما قال عنترة:

ولقد ذكرتُكِ والرماحُ كأنها … أشطانُ بئر في لُبان الأدهمِ

وقال الآخر:

ذَكرْنُكِ وَالْخَطّيُّ يَخْطِرُ بَيْنَنا … وَقَدْ نَهِلَتْ مِنا الْمُثَقَّفةُ السُّمْرُ

وقال آخر:


(١) الفوائد، لابن القيم (ص: ١٢٨).
(٢) القِرن للإنسان مثله في الشجاعة والشدة والعلم والقتال وغير ذلك. المعجم الوسيط (٢/ ٧٣١).

<<  <   >  >>